للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقَالَ إِبْرَاهِيم: حَدَّثَنَا أبو نُعَيْم: حَدَّثَنَا أَحْمَد بن محمد بن مقسم:

حَدَّثَنِي أبو بدْر الخيّاط: سمعتُ أَبَا حَمْزَةَ قَالَ: بينما أَنَا أسير فِي سفرة على التَّوكُّل والنّوم فِي عيني إذ وقعت فِي بئرٍ، فلم أقدر على الخروج لعُمْقها. فبينما أَنَا جالس إذ وقف على رأسها رجلان، فقال أحدهما لصاحبه: نجوز ونترك هَذِهِ فِي طريق السّابلة؟

قَالَ: فَمَا نصنع؟

قَالَ: نُطْبِقُها [١] .

فَبَدَرَتْ نفسي أن أقول: أَنَا فيها، فَنُودِيتُ: تتوكل علينا، وتشكو بلاءنا إِلَى سِوانا؟

فسكتُّ، وَمَضَيَا. ثُمَّ رجعا ومعهما شيء جعلاه على رأسها غطّوها به فقالت لي نفسي: أمِنْتَ طيَّها ولكن حصلت مسجونًا فيها.

فمكثت يومي وليلتي، فَلَمَّا كان من الغد ناداني شيء يهتف بي ولا أراه:

تمسّك بي شديدًا. فَمَددت يدي، فوقعت على شيءٍ خشِنٍ، فتمسّكت به، فَعَلاها وطرحني. فتأمَّلتُ فإذا هُوَ سَبُع. فَلَمَّا رَأَيْته لحِق من نفسي من ذلك ما يلحق من مثله. فهتف بي هاتف: يا أبا حَمْزَةُ استنقذناك من البلاء بالبلاء، وكَفَيْناك ما تخاف [٢] .

قَيِل: إنّ أَبَا حَمْزَةَ تكلَّم يوما على كُرْسِيِّه ببغداد، فتغيَّر عليه حاله وسقط عن كُرْسِيّه، ومات فِي الجمعة الثانية [٣] .

نقل أبو بَكْر الخطيب [٤] وفاته سنة تسْعٍ وستّين ومائتين.

وقَالَ أبو عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ [٥] : تُوُفيّ سنة تسع وثمانين.

قلت: تصحّفت ذي بذي.


[١] في الحلية: «نطمسها» ، وفي تاريخ بغداد: «نطمها» .
[٢] حلية الأولياء ١٠/ ٣٢٠، ٣٢١، المنتظم ٥/ ٦٩، تاريخ بغداد ١/ ٣٩١، ٣٩٢ وفيه «كفيناك بما تخاف» . ثم ذكر شعرا بعد خروجه من البئر.
[٣] طبقات الصوفية ٢٩٥.
[٤] في تاريخه ١/ ٣٩٣.
[٥] في طبقات الصوفية ٢٩٦.