للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جنحوا إلى قول الوشاة وأعرضوا ... والله يعلم أنّ ذلك مفترى

يا معرضا عنّي بغير جناية ... إلّا لما اختلق الحسود [١] وزوّرا

منها:

فارقتها لا عن رضا وهجرتها ... لا عن قلى ورحلت لا متخيّرا

أشكو إليك نوى تمادى عمرها ... حَتّى حسبت اليوم منها أشهرا

ومن العجائب أن يقيل بظلّكم ... كلّ الورى ونبذت وحدي بالعرا

لا عيشتي تصفو ولا رسم الهوى ... يعفو ولا جفني يصافحه الكرا

[٢] ولَهُ:

مال ابن مازة دونه لعفاته ... خرط القتادة وامتطاء الفرقد

مال لزوم الجمع يمنع صرفه ... في راحة مثل المنادي المفرد

وقال أبو حفص ابن الحاجب: اشتغل بطرف من الفقه على القطب النَّيْسَابوريّ، والكمال الشّهرزوريّ. وقرأ الأدب على أبي الثّناء محمود بن رسلان، وذكر أنَّه سَمِعَ ببغداد من منوجهر بن تركانشاه راوي «المقامات» .

واشتغل بالرَّيّ على ابن الخطيب. وكانت أدواته في الأدب كاملة. ذو نوادر للخاصّة والعامّة، وله الشعر الرّائق، كان أوحد عصره في نظمه ونثره، يخرج جدّه معرض المزح، وقّاد الخاطر على كبر السنّ. أقامه الملكُ المعظّم مقامَ نفسه في ديوانه، وكان محمود الولاية، كثير النّصفة، مكفوف اليد عن أموال النَّاس مع عظم الهيبة، إلّا أنَّه في الآخر ظهر منه سوءُ اعتقادٍ، وطعنٌ على السّلف، واستهتارٌ بالشّريعة، وكثر عسفه وظلمه، وترك الصلاة، وسبّ الأنبياء، ولم يزل يتناول الخمر إلى قبل وفاته بقليل. تُوُفّي في العشرين من ربيع الأوّل سَنَة ثلاثين.

قلت: ولَهُ ترجمةٌ فِي «تاريخ» ابن النجّار» وقال [٣] : نظرَ في الدّيوان بدمشق مُدَّة ولم تحمد سيرته، فعزل ولزم بيته عاجزا عن الحركة لعلوّ سَنَة.

وهُوَ من أملح أهل زمانه شعرا، وأحلاهم قولا وأرشقهم رصفا، ظريف


[١] معجم الأدباء ١٩/ ٨٤.
[٢] الأبيات في ديوان ابن عنين ٣، ووفيات الأعيان ٥/ ١٦، ١٧، ومعجم الأدباء ١٩/ ٨٤- ٨٦.
[٣] قوله في القسم الضائع من تاريخه.