للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القُضاة بدر الدّين السنجاريّ، وولي قضاء مصر نفسها والوجه القِبلي للشيخ عزَّ الدّين، مَعَ خطابة جامع مصر.

ثُمَّ إنّ بعض غلمان وزير الصالح المولى مُعِين الدّين ابن الشَّيْخ بنى [١] بنيانا عَلَى سطح مسجد مصر، وجعل فيه طَبْلَ خاناه مُعِين الدّين، فأنكر الشَّيْخ عزَّ الدّين ذَلِكَ، ومضى بجماعته وهدم البناء. وعَلَم أنّ السُّلطان والوزير يغضب من ذَلِكَ، فأشهد عَلَيْهِ بإسقاط عدالة الوزير، وعزل نفسه عَن القضاء، فعظُم ذَلِكَ عَلَى السُّلطان.

وقيل لَهُ: أعزله عَن الخطابة وإلّا شنع عَلَى المِنْبر كما فعل بدمشق.

فعزله فأقام فِي بيته يشغل النّاس.

وكانت عند الأمير حسام الدّين بْن أَبِي عليّ شهادة تتعلّق بالسُّلطان فجاء لأدائها عنده، فنفذ يَقُولُ للسلطان: هذا ما أقبلُ شهادته. فتأخرت القضية، ثُمَّ أثْبِتَت عَلَى بدر الدّين السنجاريّ.

وله من هذا الجنس أفعالٌ محمودة.

وقد رحل إلى بغداد سنة سبع وتسعين وخمسمائة، وأقام بها أشهرا.

وذكر عَبْد المُلْك بْن عساكر فِي جزء، ومن خطّه نقلتُ، أنّ الشَّيْخ عزَّ الدّين لما وُلّي خطابة دمشق فرح بِهِ المسلمون، إذ لم يصعد هذا المنبر من مدةٍ مديدةٍ مثله فِي عِلْمه وفقهه. كَانَ لَا يخاف فِي الله لومة لائم لقوّة نفسه وشدّة تقواه، فأمات من البِدَع ما أمكنه، وغير ما ابتدعه الخُطباء وهو لبس الطيلسان للخطبة والضرب بالسّيف ثلاث مرّات. فإذا قعد لم يؤذن إلا إنسان واحد.

وترك الثناء ولزِم الدّعاء.

وكانوا يقيمون للمغرب عند فراغ الأذان، فأمرهم أن يلبثوا حتى يفرغ الأذان فِي سائر المساجد.

وكانوا دُبُر الصَّلَاةُ يقولون: «إنّ الله وملائكته» فأمرهم أن يقولوا: «لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ» . للحديث.

وقد أرسل، لما مرض، إِليْهِ السُّلطان الملكُ الظاهر يَقُولُ لَهُ: عين.


[١] في الأصل: بنا.