للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأمّن النبيّ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ عَلَى دُعَائِنَا، ثُمَّ دَعَا أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَالَ: اللَّهمّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِثْلَ صَاحِبِي، وَأَسْأَلُكَ عِلْمًا لَا يُنْسَى، فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ: «آمِينَ» ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ نَحْنُ نَسْأَلُكَ كَذَلِكَ، فَقَالَ: «سَبقَكُمَا بِهَا الْغُلَامُ الدَّوْسِيُّ» [١] .

قَالَ الطبراني: لَا يُرْوَى إِلَّا بِهَذَا الإسناد.

وَقَالَ أَبُو نَضْرة [٢] العَبْدي، عَن الطفاوي قَالَ: قرأت عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ بالمدينة ستة أشهر، فلم أر مِنْ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ رجلًا أشد تشميرًا وَلَا أقَوم عَلَى ضيفٍ مِنْهُ، فَدَخَلَت عَلَيْهِ ذات يَوْم ومعه كيس فِيهِ نوى أَوْ حصى يسبح بِهِ.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ الأَصْبَحِيِّ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَرَأَيْتَ هَذَا الْيَمَانِيَّ- يَعْنِي أَبَا هُرَيْرَةَ- لَهُوَ أَعْلَمُ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ مِنْكُمْ، مِنْهُ أَشْيَاءُ لَا نَسْمَعُهَا مِنْكُمْ، أَمْ يَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَقُلْ؟ قَالَ: أَمَّا أَنْ يَكُونَ سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ مَا لَمْ نَسْمَعْ فَلا أَشُكُّ، كُنَّا أَهْلَ بُيُوتَاتٍ وَعَمَلٍ وَغَنَمٍ، فَنَأْتِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ طَرْفي النَّهَارِ، وَكَانَ مِسْكِينًا لا مَالَ لَهُ، ضَيْفًا عَلَى بَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، يَدُهُ مَعَ يَدِهِ، وَلا أَجِدُ أَحَدًا فِيهِ خَيْرٌ، يَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَقُلْ [٣] .

وَقَالَ مُحَمَّد بن سعد [٤] : ثنا محمد بن عمر: ثنا عبد الحميد بن جعفر، عن أبيه، عن زياد بن مينا قال: كان ابن عباس، وابن عُمَر، وأَبُو سَعِيد، وأَبُو هُرَيْرَةَ، وجابر يفتون بالمدينة، ويحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من لدن توفّي


[١] أخرجه الحاكم في المستدرك ٣/ ٥٠٨، وابن عساكر في تاريخ دمشق ١٩/ ١١٥ أب.
[٢] في الأصل «أبو نصرة» والتصويب من (خلاصة التذهيب ٤٧١) واسمه: المنذر بن مالك.
[٣] أخرجه الترمذي (٣٩٢٦) وقال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلّا من حديث محمد بن إسحاق، وقد رواه يونس بن بكير وغيره عن محمد بن إسحاق. وصحّحه الحاكم في المستدرك ٣/ ٥١١، و ٥١٢ ووافقه الذهبي في تلخيصه، وابن عساكر في تاريخ دمشق ١٩/ ١٢١ أ، وابن كثير في البداية والنهاية ٨/ ١٠٩.
[٤] في طبقاته ٢/ ٣٧٢.