للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عُثْمَان إِلَى أن تُوفُوا، وهؤلاء الخمسة، إليهم صارت الفتوى.

وَقَالَ أَبُو سعد السمعاني: سمعت أَبَا القاسم المعمر المبارك بن أَحْمَد الأرحبي يقول: سمعت أَبَا القاسم يوسف بن عَلِيّ الزنجاني الفقيه: سمعتُ أَبَا إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن عَلِيّ الفيروزآباذي، سمعت أَبَا الطيب الطبري يقول:

كُنَّا في حلقة النظر بجامع المنصور، فجاء شاب خُرَاساني، فسأل عَن مسألة المصَراة [١] ، فطالب بالدليل، فاحتج المستدل بحديث أَبِي هُرَيْرَةَ الْوَارد فِيهَا [٢] ، فَقَالَ الشابَ- وَكَانَ حنفيًا-: أَبُو هُرَيْرَةَ غير مقبول الحديث، فما استتمٌ كلامه حَتَّى سقطت عَلَيْهِ حيّة عظيمة من سقف الجامع، فوثب النَّاس من أجلها، وهرب الشابَ وَهِيَ تتبعه، فقيل لَهُ: تُب تُب، فغابت الحيّة، فلم يُر لها أثر [٣] .

الزنجاني ممّن برع في الفقه على أبي إسحاق، توفي سنة خمسمائة.

وَقَالَ حَمَدُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ فَرُّوخٍ الْحَرِيرِيِّ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ قَالَ: تَضَيَّفَ أَبَا هُرَيْرَةَ سَبْعًا، فَكَانَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَخَادِمُهُ يَعْتَقِبُونَ اللَّيْلَ أَثْلاثًا، يُصَلِّي هَذَا، ثُمَّ يُوقِظُ هَذَا هَذَا وَيُصَلِّي، فَقُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ كَيْفَ تَصُومُ؟ قَالَ: أَصُومُ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ ثَلاثًا [٤] .

قَالَ الداني: عرض أَبُو هُرَيْرَةَ القرآن عَلَى أُبَيّ بن كعب قرأ عَلَيْهِ من


[١] المصرّاة: هي الناقة أو البقرة أو الشاة التي يحبس البائع لبنها في ضرعها أياما ليظنّ المشتري أنها غزيرة اللبن.
[٢] الحديث في الموطأ ٢/ ٦٨٣، ٦٨٤ في البيع، باب ما ينهى عنه من المساومة والمبايعة.
وأخرجه البخاري ٤/ ٣٠٩، ومسلم (١١/ ١٥١٥) عن: يحيى بن يحيى، عن مالك، عن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى الله عليه وآله وسلم قال: «ولا تصرّوا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد ذلك، فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها، إن رضيها أمسكها، وان سخطها ردّها، وصاعا من تمر» .
[٣] قال الحافظ- رحمه الله- في سير أعلام النبلاء ٢/ ٦١٩: «وأبو هريرة إليه المنتهى في حفظ ما سمعه من الرسول عليه السلام وأدائه بحروفه. وقد أدّى حديث المصرّاة بألفاظ، فوجب علينا العلم به، وهو أصل برأسه» .
[٤] أخرجه أبو نعيم في الحلية ١/ ٣٨٢، وابن عساكر في تاريخ دمشق ١٩/ ١٢٢ ب، وأحمد في الزهد ٢٢١، وابن الجوزي في صفة الصفوة ١/ ٦٩٢، وابن حجر في الإصابة.