للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ محمد بْن أَبِي حاتم: قدِم رجاء الحافظ فقال لأبي عَبْد الله: ما أعددتَ لقُدوميّ حيث بلغك، وفي أيّ شيء نظرت؟

قَالَ: ما أحدثتُ نظرًا ولم أستعدّ لذلك، فإنّ أحببتَ أن تسأل عَنْ شيء فافعل.

فجعل يناظره فِي أشياء فبقي رجاء لَا يدري، ثمّ قَالَ لَهُ أبو عبد الله: هَلْ لك فِي الزّيادة؟

فقال استحياءً وخَجَلَا منه: نعم.

قَالَ: سَلْ إنْ شئت.

فأخذ فِي أسامي أيّوب، فعدّ نحوًا من ثلاثة عشر، وأبو عبد الله ساكت، فظنّ رجاء أنْ قد صنع شيئًا فقال: يا أَبَا عَبْد اللَّه فاتك خير كثير.

فزيّف أبو عبد الله فِي أولئك سبعةً، وأغرب عَلَيْهِ نحو أكثر من ستين رجلَا.

ثمّ قَالَ لَهُ رجاء: كم رويت فِي العِمامة السَّوْداء؟

قال: هات كم رويت أنت؟

قَالَ الْبُخَارِيّ: نروي نحوًا من أربعين حديثًا.

فخجل رجاء ويَبس رِيُقه [١] .

وسَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه يَقُولُ: دخلتُ بَلْخَ، فسألوني أن أُمْلِيَ عَلَيْهم لكلّ من كتبتُ عَنْهُ، فأمليت ألف حديث عَنْ ألف شيخ [٢] .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَرَّاقُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ أبو عبد الله: سُئِلَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَمَّنْ طَلَّقَ نَاسِيًا، فَسَكَتَ. فَقُلْتُ: قَالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ بِهِ أَوْ تَكَلَّمْ [٣] » . وَإِنَّمَا يُرَادُ مُبَاشَرَةُ هَذِهِ الثَّلاثِ: الْعَمَلِ، وَالْقَلْبِ، أَوِ الْكَلامِ وَالْقَلْبِ، وَهَذَا لَمْ يَعْتَقِدْ بِقَلْبِهِ.


[١] سير أعلام ٢ لنبلاء ١٢/ ٤١٣، ٤١٤.
[٢] سير أعلام النبلاء ١٢/ ٤١٤.
[٣] أخرجه البخاري في الطلاق ٩/ ٣٤٥ باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون، وفي الأيمان والنذور ١١/ ٤٧٨ باب إذا حنث ناسيا في الأيمان، ومسلم في الإيمان (١٢٧) باب تجاوز الله عن حديث النفس أو الخواطر، وأبو داود (٢٢٠٩) ، والترمذي (١١٨٣) ، والنسائي ٦/ ١٥٦، ١٥٧، وابن ماجة (٢٥٤٠) .