للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال إِسْحَاق: قوّيتني. وأفتى بِهِ [١] .

قَالَ: وسَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه الْبُخَارِيّ يَقُولُ: ما جلستُ للحديث حتّى عرفتُ الصَّحيح مِنَ السَقيم، وحتى نظرتُ فِي عامّة كُتُب الرأي، وحتّى دخلت البصرة خمس مرّات أو نحوها، فما تركت بها حديثًا صحيحًا إلَا كتبته، إلَا ما لم يظهر لي [٢] .

وسَمِعْتُ بعض أصحابي يَقُولُ: كنت عند محمد بْن سلَام البِيكَنْديّ، فدخل محمد بْن إِسْمَاعِيل، فلمّا خرج قَالَ محمد بْن سلَام: كلّما دخل عَلَى هذا الصَّبيّ تحيَّرتُ والتبس عَلِيّ أمرُ الحديث، ولا أزال خائفًا منه ما لم يخرج [٣] .

فصل فِي ثناء الأئمّة عَلى الْبُخَارِيّ قلت: فارقّ الْبُخَارِيّ بخاري وله خمس عشرة سنة، ولم يره محمد بْن سلَام بعد ذَلِكَ، فقال سُلَيْم بْن مجاهد: كنتُ عند محمد بْن سلَام البِيكَنْديّ فقال: لو جئت قبلُ لرأيت صبيًّا يحفظ سبعين ألف حديث.

فخرجت حتى لحِقْتُه فقلتُ: أنت تحفظ سبعين ألف حديث؟ قَالَ: نعم وأكثر، ولا أجيئك بحديث عن الصحابة والتّابعين إلّا عرفت مولد أكثر هم ووفاتهم ومساكنهم، ولست أروي حديثًا من حديث الصحابة والتّابعين إلَا ولي من ذَلِكَ أصلٌ أحفظه حِفْظًا عَنْ كتاب أو سنة [٤] .

وقال محمد بْن أَبِي حاتم: سَمِعْتُ يحيى بْن جعْفَر البِيكَنْديّ يَقُولُ: لو قدرتُ أن أزيد فِي عُمَر محمد بْن إِسْمَاعِيل من عمُري لَفَعَلْت، فإنّ موتي يكون موت رجلٍ واحد، وموته ذهاب العلم [٥] .


[١] سير أعلام النبلاء ١٢/ ٤١٤، مقدّمة فتح الباري ٤٨٤.
[٢] سير أعلام النبلاء ١٢/ ٤١٦.
[٣] سير أعلام النبلاء ١٢/ ٤١٦، ٤١٧، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٢/ ٢٢٢، مقدّمة فتح الباري ٦٨٤.
[٤] تاريخ بغداد ٢/ ٢٤، ٢٥، تهذيب الكمال ٣/ ١١٧٢، سير أعلام النبلاء ١٢/ ٤١٧، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٢/ ٢١٨ و ٢٢٢، مقدّمة فتح الباري ٤٨٤.
[٥] تاريخ بغداد ٢/ ٢٤، تهذيب الكمال ٣/ ١١٧٢، سير أعلام النبلاء ١٢/ ٤١٨، مقدّمة فتح الباري ٤٨٥.