للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنها ملك لمن أقبضها؛ فنزل ذلك منزلة الشهادة بالملك حالة البيع؛ وهذا ما صرح به القاضي أبو الطيب وابن الصباغ والبندنيجي، والشيخ أبو علي في "شرحه الكبير" كما قاله ابن أبي الدم، وصاحب "التهذيب"، وتبعهم الرافعي في ذلك، ولم يحك سواه.

ومن طريق الأولى جريان القولين في المسألة السابقة فيها.

وقد قطع القاضي الحسين بأنه لا تقبل البينة إذا لم تقل: إنه اشتراه من فلان وهو يملكه.

وعليه ينطبق قول الماوردي في آخر باب القسمة: لو أقاما البينة بابتياعهما الدار، لم تكن بينة بالملك؛ لأن يد البائع فيها كأيديهما.

وهكذا لو أقاما البينة: أنها صارت إليهما من أبيهما ميراثًا، لم تكن بينة بالملك؛ لأن يد الأب فيها كأيديهما. وهذا ما اختاره ابن أبي الدم، وقرره بأن يد الداخل حاضرة محسوسة، وهي تدل على الملك، والشهادة بالبيع وتسلم المبيع من يد البائع شهادة تتضمن الابتياع، ويد سابقة للبائع ثم بيد تتعقبها للمشتري، ولا فرق بين هذا وبين قول البينة: نشهد: إنها كانت في يده أمس، ولو شهدت باليد أمس، لم تسمع على الصحيح، وإن سمعت لم تنزع العين من ذي اليد الحاضرة بمجرد الشهادة بها؛ فكذلك ها هنا.

وقد طرد القاضي أبو الطيب والبندنيجي ما قالاه في الوقف، فقالا: إذا شهدت البينة بأنه وقف كذا، [وهو في ملكه، أو: وهو في يده – حكم به. ولو شهدت بأنه وقف كذا] لا غير، لم يقبلها؛ لأن الإنسان قد يقف ما يملك وما لا يملك.

أما لو ادعى الشراء من صاحب اليد، فقد اتفق الكل على أنه لا يحتاج في هذه الحالة إلى الشهادة بأنه باع ذلك وهو في ملكه، ولا في يده، بل بيعه يقطع سلطانه، ويؤاخذ بحكمه وبموجبه، خلافًا لأبي حنيفة.

قال الماوردي – حكاية عن المذهب-: ولا يقضي للمدعي بها ملكًا وإن قضى له بابتياعها، [بل يكون] له فيها يد إن نوزع فيها، ولا تدفع بينة المنازع، بخلاف ما لو

<<  <  ج: ص:  >  >>