للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما مذهب المالكية والشافعية وإن لم ينصوا على أن خروج الوقت مبطل للتيمم إلا أنهم ذهبوا إلى أبعد من ذلك، حيث منعوا صلاة فريضتين بتيمم واحد (١)، واشترط المالكية الموالاة بين التيمم والصلاة، فإن وجد فاصل طويل بين التيمم والصلاة بطل تيممه، وهذا القول أبلغ من اعتبار خروج الوقت مبطلًا للتيمم (٢).

• وسبب الخلاف بين الحنفية وغيرهم:

اختلافهم في التيمم، هل هو رافع للحدث، أو مبيح لفعل المأمور مع قيام الحدث؟

يقول الكاساني الحنفي رحمه الله تعالى: «قال أصحابنا: إن التيمم بدل مطلق، وليس ببدل ضروري، وعنوا به أن الحدث يرتفع بالتيمم إلى وقت وجود الماء في حق الصلاة المؤداة، لا أنه يباح له الصلاة مع قيام الحدث، وقال الشافعي: التيمم بدل ضروري، وعنى به أن يباح له الصلاة مع قيام الحدث حقيقة للضرورة كطهارة المستحاضة ... وعلى هذا الأصل يبنى التيمم قبل دخول الوقت، أنه جائز عندنا، وعند الشافعي لا يجوز؛ لأنه بدل مطلق عند عدم الماء، فيجوز قبل دخول الوقت وبعده، وعنده بدل ضروري، فتتقدر بدليته بقدر الضرورة، ولا ضرورة قبل دخول


(١) انظر في مذهب المالكية: انظر التمهيد (١٩/ ٢٩٤ - ٢٩٥)، المقدمات (١/ ١١٧)، التهذيب في مختصر المدونة (١/ ٢١٤)، المعونة (١/ ١٤٩).
وفي مذهب الشافعية: جاء في الأم (١/ ٤٧): «وإن كان قد فاتته صلوات استأنف التيمم لكل صلاة منهما، كما وصفت، لا يجزيه غير ذلك، فإن صلى صلاتين بتيمم واحد، أعاد الآخرة منهما؛ لأن التيمم يجزيه للأولى، ولا يجزيه للآخرة».
وقال في كتاب البيان في مذهب الشافعي (١/ ٣١٦): «وإن كان عليه صلوات فوائت، وأراد أن يقضيها في وقت واحد، وهو عادم للماء، قال الشيخ أبو حامد: فإنه يطلب الماء للأولى، ويتمم، ويصليها، فإذا أراد أن يصلي الثانية أعاد الطلب لها، ثم يتيمم، وكذلك الثالثة والرابعة وإن كان في موضع واحد؛ لأن ذلك شرط في التيمم».
(٢) قال في الشرح الصغير (١/ ١٩٩ - ٢٠٠): «ومما يبطله -يعني التيمم- طول الفصل بينه وبين الصلاة، كما علم من الموالاة». وانظر الخلاصة الفقهية (ص: ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>