للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القول الأول: أنه دم فساد، يكون حكمه حكم من به حدث دائم، فلا تترك الصلاة والصيام، وهذا أحد القولين في مذهب المالكية، وبه قال أحمد وإسحاق.

قال أحمد في المرأة الكبيرة ترى الدم: لا يكون حيضًا، هو بمنزلة الجرح، وإن اغتسلت فحسن (١)، فلم يجعل حكمها كحكم الاستحاضة، وذلك بالعمل بالتمييز، أو العادة؛ لأنه لا يرى أن يتأتى منها الحيض، وهي بهذا السن.

وقال ابن رشد: «وأما العجوز التي لا يشبه أن تحيض، فما رأت من الدم حكم له بأنه دم علة وفساد؛ لانتفاء الحيض مع الكبر، كما ينتفي مع الصغر» (٢).

- وجه القول بأنه دم فساد:

أنه دم امرأة لا يمكن أن تحمل، فلم يمنع الصلاة والصيام.

قال إسحاق: حكمها حكم المستحاضة إذا جاوزت الخمسين؛ لأنها لا تلد بعد الخمسين أبدًا (٣).

وهذا التعليل لا يبعد من جهة الطب، ذلك أن الحيض هو جدار يبطن به الرحم استعدادًا لتخصيب البويضة، حتى تعلق به، ومن ثم ينمو الجنين وتتكون المشيمة، كما سيأتي بيانه عند الكلام كيف تحيض المرأة، وما دام أن المرأة لا يمكن أن تحمل، فلا يمكن أن تحيض.

القول الثاني:

إن كان الدم على صفة دم الحيض، فإنه حيض، اختاره بعض المالكية، ورجحه ابن حزم، وابن تيمية (٤).


(١) يتفق المالكية بأن الدم إذا عاد على الكبيرة فإنه لا عبرة به في العدة، واختلفوا به في العبادة على قولين، هذا أحدها. انظر المنتقى للباجي (١/ ١٢٥)، المقدمات الممهدات (١/ ٣٠)، المغني (١/ ٤٤٧)، وانظر مسائل أحمد وإسحاق رواية الكوسج (٧٥٦).
(٢) المقدمات (١/ ٣٠).
(٣) مسائل أحمد وإسحاق رواية الكوسج (٧٥٦).
(٤) المنتقى للباجي (١/ ١٢٥)، المحلى لابن حزم، مسألة (٢٦٥)، مجموع الفتاوى (١٩/ ٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>