للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأعظم أركان الإسلام العملية: وهي الصلاة، وبدون هذا الوضوء تكون الصلاة باطلة، وعبادة الوضوء تتكرر في اليوم عدة مرات، فالحاجة إلى معرفة الوضوء الصحيح حاجة ملحة عامة، فكيف تأتي سنن الوضوء بأحاديث صحيحة قاطعة للنزاع، ثم تعرض جميع الأحاديث الصحيحة عن ذكر التسمية، ويكون مدارها على أحاديث ضعيفة مع أن منزلة التسمية من الوضوء بمنزلة الوضوء من الصلاة؟

فهذا القول هو أقوى الأدلة بحسب فهمي القاصر، وأن التسمية غير مشروعة في الوضوء، كما هي غير مشروعة في الغسل من الجنابة وفي طهارة التيمم، والتسمية لا تشرع لكل عبادة حتى يقال بمشروعيتها في الوضوء، فهناك عبادات لا تشرع فيها التسمية جزمًا، كالدخول في الصلاة، والشروع في الأذان، ومثلهما على الصحيح رمي الجمارات، وابتداء الطواف، والله أعلم.

ويأتي بعد هذا القول من حيث القوة القول بأنها مستحبة، وأما القول بالوجوب فهو قول ضعيف، وأضعف منه القول بأن التسمية شرط لصحة الوضوء، وكنت فيما كتبت في كتاب الحيض والنفاس قد ذهبت إلى استحباب التسمية في الوضوء، ثم رجعت عن ذلك في هذا البحث حين تأملت الأدلة، ورأيت أن القول المنسوب إلى مالك من كراهة التسمية في الوضوء يتمشى مع القواعد الفقهية، وهذا شأن الأمور الفقهية، بل الأمور الاجتهادية، فربما يرى الإنسان رأيًا، ويخلص في بحثه أنه الصواب ثم يقف على ما يدعوه إلى تركه، وهذا طريق من يبحث عن الحق بتجرد، دون تعصب لقول من الأقوال، ولم يبتل باتباع الجمهور، والله أعلم.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>