للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانوا يطوفون عراةً. ونزَلت (١): {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}. وأمرَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- مناديًا فنادَى: "ألّا يطوفَ بالبيتِ عُريانٌ" (٢).

وقال مجاهدٌ: كانت قريشٌ تطوفُ عراةً، ولا يلبَسُ أحدُهم ثوبًا طافَ فيه (٣). وقال غيرُه ما ذكرناه.

وقال أبو عمر: استدلَّ مَن جعَل سترَ العور مِن فرائضِ الصلاةِ بالإجماع على إفسادِ مَن ترَك ثوبَه وهو قادر على الاستتارِ به وصلَّى عُريانًا.

وقال آخرون: سترُ العور فرضٌ عن أعيُنِ المخلوقين، لا مِن أجلِ الصلاةِ، وسترُ العورةِ سنَّةٌ مؤكدةٌ مِن سُننِ الصلاةِ، ومَن ترَك الاستتارَ وهو قادرٌ على ذلك وصلَّى عُريانًا فسَدَتْ صلاتُه؛ كما تفسُدُ صلاةُ مَن ترَك الجلسةَ الوسطَى عامدًا وإن كانت مسنونةً. ولكِلا الفريقين اعتِلالٌ يطولُ ذكرُه، والقولُ الأولُ أصحُّ في النظرِ، وأصحُّ أيضًا مِن جهةِ الأثر، وعليه الجمهورُ.

واختلفوا في العورر مِن الرَّجُلِ ما هي؟ فقال الشافعيُّ وأبو حنيفةَ وأصحابُهما، والأوزاعيُّ، وأبو ثورٍ: ما دونَ السُّرةِ إلى الرُّكبةِ عورةٌ (٤).

وقال أبو حنيفةَ: الركبةُ عورةٌ (٥). وقال الشافعيُّ: ليست السُّرةُ ولا الرُّكبتان مِن العورةِ. وحكى أبو حامدٍ الترمذيُّ أنَّ للشافعيِّ في السُّرةِ قولين، واختلَف


(١) في م: "وأنزل"، ثم لم يرد في الآية الأولى، وسقط بعدها كله إلى أول الآية الثانية.
(٢) ينظر: جامع البيان لابن جرير الطبري ١٢/ ٣٦٠ - ٣٦٣.
(٣) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره جامع البيان من طرق عنه، ينظر ١٢/ ٣٦١ - ٣٦٢.
(٤) ينظر: الأمّ للشافعيّ ١/ ١٠٩، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٣٠٦، وتمام قول الشافعيِّ في الأم: "وعَورة الرَّجل: ما دون سُرّته إلى رُكبتيه، ليس سُرَّته ولا رُكْبتاه من عورته" وينظر: المجموع شرح المهذّب للنووي ٣/ ١٦٧.
(٥) ينظر: المبسوط للسَّرخسيّ ١٠/ ١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>