للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو داودَ (١): حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، قال: حدَّثنا الليثُ بنُ سعدٍ، عن ابنِ شهابٍ، عن ابنِ المسيِّب، عن أبي هريرةَ؛ في هذه القصةِ قال: ثمَّ إنَّ المرأةَ التي قضى عليها الغُرَّةَ تُوفِّيتْ، فقضَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّ ميراثَها لبَنِيها، والعَقْلَ على عَصَبَتِها.

قال أبو عمر: وقد ذكرنا ما يجبُ من القولِ في قصَّةِ قتلِ المرأةِ، والاختلافَ في ذلك مِن جهةِ الأثَرِ، واختلافَ العلماءِ في ديتِها وقتلِها، وما لهم في شِبْهِ العَمْدِ من الأقاويلِ والوُجُوهِ، في كتاب "الأجوبةِ عن المسائلِ المستغربةِ" (٢)، فمن أراده نظَر إليه وتأمَّله هناك. ولم نذكرْ هاهنا شيئًا من ذلك؛ لأنّه ليس في حديثِ مالكٍ ذِكْرُ قتلِ المرأةِ، وإنَّما فيه قصَّةُ الجنينِ. ونحن نذكُرُ ما للعلماءِ في ذلك من الأقوالِ والوجوهِ هاهنا، وبالله عونُنا وتوفيقُنا.

فمِن أحكام الجنينِ ما أجمَع العلماءُ عليه، ومنها ما اختلفوا فيه؛ فممَّا أجمَعوا عليه من ذلك أنَّ الجنينَ إذا ضُرِب بطْنُ أمِّه، فألقَتْه حيًّا، ثم مات بقُربِ خروجِه، وعُلِم أنَّ موتَه كان من أجلِ الضَّربةِ وما فُعِل بأُمِّه وبه في بطْنِها، ففيه الدِّيَةُ كاملةً، وأنَّه يُعتبرُ فيه الذكرُ والأنثَى. وعلى هذا جماعةُ فقهاء الأمصار (٣). وفي إجماعِهم على ما ذكرنا دليلٌ واضحٌ على أنَّ الجنينَ الذي قضى فيه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِغُرَّةٍ؛ عبدٍ أو أمَةٍ، كانت قد ألقَته أمُّه (٤) ميّتًا. ومع هذا الدَّليلِ نصَّان؛ أحدُهما من جهةِ الإجماع؛ أنَّ الغُرَّةَ واجبةٌ في الجنينِ إذا رمَتهُ ميّتًا وهي حيَّةٌ. والنَّصُّ


(١) في سننه برقم (٤٥٧٧). وهو عند البخاري (٦٧٤٠)، ومسلم (١٦٨١) عن قتيبة بن سعيد، به. وعندهما "بأنّ ميراثها لبنيها وزوجها" بدل "أنّ ميراثها لبنيها".
(٢) الأجوبة عن المسائل المستغربة ص ٢٣١.
(٣) يُنظر: الإجماع ص ٧٤، (٣٢٢).
(٤) قوله: "أمه" لم يرد في د ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>