للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه، وسائرُ الكوفيِّين: قيمةُ الغرَّةِ خمسُ مئةِ درهم.

وهو قولُ إبراهيمَ، والشعبيِّ. وقال المغيرةُ: خمسون دينارًا.

وقال الشافعيُّ: سِنُّ الغرَّةِ سبعُ سنين، أو ثماني سنين، وليس عليه أن يقبلَها معيبةً (١). وقال داودُ: كلُّ ما وقَع عليه اسمُ غرَّةٍ (٢).

واختلفوا في صفةِ الجنينِ الذي تجبُ فيه الغرَّةُ ما هو؟ فقال مالكٌ: ما طَرَحتْه من مُضغةٍ أو علقةٍ أو ما يُعلمُ أنّه ولا ففيه الغرَّةُ (٣). وقال الشافعيُّ: لا شيءَ فيه حتَّى يتبيَّنَ من خلقِه شيءٌ (٤).

قال مالكٌ: إذا سقَط الجنينُ فلم يستهلَّ صارخًا ففيه الغرَّةُ، وسواءٌ تحرَّك أو عطَس ففيه الغرَّةُ أبدًا حتى يستهلَّ صارخًا، فإن استَهَلَّ صارخًا ففيه الديةُ كاملة (٥). وقال الشافعيُّ وسائرُ الفقهاءِ: إذا عُلِمتْ حياتُه بحركةٍ أو بعُطاسٍ أو باستهلالٍ أو بغر ذلك مما تُستيقَنُ به حياتُه، ثم مات، ففيه الديةُ كاملةً (٦).

وجماعةُ فقهاء الأمصارِ يقولون في المرأةِ إذا ماتت من ضرْبِ بطنِها، ثم خرَج الجنينُ ميتًا بعد موتِها: إنّه لا يُحكمُ فيه بشيءٍ، وإنَّه هَدْر إذا ألقَتْه بعد موتِها، إلّا الليثَ بنَ سعدٍ وداودَ فإنَّهما قالا: إذا ضُرِب بطنُ المرأةِ وهي حيَّةٌ، فألقَتْ جنينًا ميِّتًا، ففيه الغُرَّةُ، وسواءٌ رمَتْه بعدَ موتِها أو قبلَ موتِها. اعتبَرا حياةَ أمِّه في


(١) الأمّ للشافعيّ ٦/ ١١٧، وينظر: مختصر المُزني ٨/ ٣٥٦.
(٢) نقله عنه أبو الوليد ابن رشيد في المقدّمات الممهدات ٣/ ٢٩٨، وابن رشد الحفيد في بداية المجتهد ٤/ ١٩٨.
(٣) المدوّنة ٤/ ٦٣٠. وينظر: بداية المجتهد لابن رشد الحفيد ٤/ ١٩٩.
(٤) الأمّ للشافعيّ ٦/ ١١٥.
(٥) المدوّنة ٤/ ٦٣١.
(٦) قوله: "كاملة" لم يرد في د ١. ينظر: الأمّ للشافعي ٦/ ٢٣٧، والمجموع شرح المهذَّب للنَّوويّ ١٦/ ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>