للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رُويَ عن هؤلاء أنه إن لم يجد ما يُطْعِمُ عنه صام عنه وليُّه. والمشهورُ عنهم الإطعامُ دونَ الصيام، وهو المعروفُ من مذْهَبِ الشافعيِّ (١)، وبه قال الحَسَنُ بنُ حيٍّ، وابنُ عُلَيَّة (٢)؛ ألا يصومَ أحَدٌ عن أحَد.

والإطعامُ عندَ أبي حنيفةَ، والثوريِّ، والشافعيِّ، والأوزاعيِّ، والحَسَنِ بنِ حيٍّ، وابنِ عُليَّة، واجِبٌ في رأس ماله، أوصَى به أو لم يُوصِ.

وقال اللَّيثُ بنُ سَعْد، وأحمدُ بنُ حَنْبَل، وأبو عُبَيْدٍ: يصُومُ عنه وليُّه في النَّذْرِ، ويُطْعِمُ عنه في قضَاء رمضانَ مُدًّا من حِنْطَةٍ عن كل يوم. والإطعامُ عندَهم واجبٌ في مالِ الميِّتِ.

وقال أبو ثَوْر: يصومُ عنه وليُّه في قَضاء رمضانَ، وفي النَّذْرِ جميعًا (٣). وحُجَّةُ أبي ثَوْرٍ حديثُ عائشةَ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: "من ماتَ وعليه صيامٌ، صَامَ عنه وليُّه". رواه عَمْرُو بنُ الحارِثِ، عن عُبَيْدِ الله بنِ أبي جَعْفَرٍ، عن محمدِ بن جَعْفَرِ بنِ الزُّبير، عن عُرْوةَ، عن عائشة (٤). ورُويَ عن ابنِ عباسٍ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مثلُه، لم يخُصَّ نَذْرًا من غيرِ نَذْر (٥).

واحْتَجَّ من فَرَّقَ بينَ النَّذْرِ وقضَاء رمضانَ، بأنّ سعيدَ بنَ جبيرٍ روى عن


(١) انظر تفصيل مذهب الشَّافعي في المسألة: المجموع للنووي ٦/ ٣٦٨ - ٣٧٣.
(٢) من هنا إلى قوله: "وابن عليّة" في السطر الذي بعده سقط من الأصل بسبب قفز النظر.
(٣) انظر ما سبق كلَّه: الطَّحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٤٦ وانظر كلام أبي ثورٍ خاصَّةً في المحلى لابن حزم ٧/ ٢.
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه (١٩٥٢)، عن محمد بن خالد، عن محمد بن موسى بن أعين، عن أبيه، عن عمرو بن الحارث، به، ومسلم في الصحيح (١١٤٧) عن هارون بن سعيد الأيلي وأحمد بن عيسى، كلاهما عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، به.
(٥) لكنَّ أبا داود قال عَقِبَ روايته هذا الحديث، كما في السنن (٢٤٠٠): هذا في النَّذْر، وهو قول أحمد بن حنبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>