للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنِ عباسٍ، في قضَاء رمضانَ: يُطْعَمُ عنه. وفي النَّذْرِ: يُصَامُ عنه (١). وهو راوي (٢) الحديث، وهو أعْلَمُ (٣) بتأويلِه.

واحتجَّ من قال: لا يُصَامُ عنه في وجْهٍ من الوُجُوهِ، بما قدَّمْنا من قول ابن عباسٍ: لا يصُومُ أحَدٌ عن أحَدٍ مُطْلَقًا، وبما رَوى محمدُ بنُ عبدِ الرحمن بنِ ثَوْبَانَ، عن ابنِ عباسٍ؛ فيهما جميعًا الإطعامُ (٤). وفي فَتْوَى ابنِ عباسٍ - بخلافِه - ما يُوهِنُه عندَ الكوفيِّ والمدنيِّ (٥). قالوا: لأنه لو صحَّ عنه أو عندَه لم يُخالِفْه. وكذلك حديثُ عائشةَ سواءً؛ لأنها أفْتَتْ بخِلافِه. روى عبدُ العزيزِ بنُ رُفَيْع، عن امرَأةٍ منهم يقال لها: عَمْرَةُ، عن عائشةَ من قولها: يُطْعَمُ عنه في قَضَاء رمضانَ، ولا يُصَامُ.

وقد أجمَعُوا ألا يُصَلِّيَ أحَدٌ عن أحَدٍ، والصومُ في القياسِ مِثْلُه (٦)، فإن ادَّعَوا فيه أثرًا عُورِضُوا بما ذكرنَا من عِلَلِ الأثَرِ في ذلك. ولا أعْلَمُه يُروى عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من غيرِ هذَيْنِ الوجهين. واللهُ أعلمُ.


(١) أخرجه أبو داود في السنن (٢٤٠١) عن سعيد بن جُبير، عن ابن عبّاس، قال: إذا مرض الرجل في رمضان ثم مات ولم يَصُم أطعم عنه ولم يكن عليه قضاء، وإن كان عليه نذرٌ قضى عنه وليّه.
وأخرجه البيهقي في معرفة السنن والآثار (٨٨٣٢) بلفظ: في النَّذْر يصوم عنه وليُّه، وفي صوم رمضان يُطعِم عنه مكان كل يوم مسكينًا. وفي السنن الكبرى ٤/ ٢٥٤.
(٢) في الأصل: "وهو روى ... "، والمثبت من ج.
(٣) في الأصل: "والله أعلم"، والمثبت من ج، وهو الصواب.
(٤) أخرجه عبد الرَّزاق في المصنَّف (٧٦٥٠) عن معمر عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثَوبْان، به. ومن طريق عبد الرَّزاق أخرجه البَيْهقي في السنن الكبرى ٤/ ٢٥٤.
(٥) وهذه مسألة قديمة فيما إذا اختلفت فتوى ورأي الصَّحابي عن روايته، فالأحناف يرون المصير إلى الرأي، والجمهور يرون تقديم الرواية على الرأي، وانظر المسألة في إجمال الإصابة في أقوال الصحابة للعَلائي، ص ٩٠ وما قبلها وما بعدها.
(٦) هذا قياسٌ مع الفارق، بل قياسٌ فاسد لوجود النَّص، وادّعاء العلل على النّص جوبه بمثله من الجواب على هذه العلل كما مرَّ عن ابن حجر وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>