للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال سحنُونُ (١): وفي سَماع ابن القاسم (٢): وأحَبُّ ما فيه إليَّ، والذي سمِعتُ من مالكٍ: أن يجمعَ المُسافِرُ في آخِرِ وقتِ الظُّهرِ، وأوَّلِ وقتِ العصرِ، وإن جمَعَ بعد الزَّوال بينَهُما، أجْزأَ ذلكَ عنهُ؛ لأنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَعلهُ.

قال ابنُ حبيب: وللمُسافِرِ أن يجمعَ ليَقْطعَ سَفَرَهُ، وإن لم يَخَفْ شيئًا، ولم يُبادِرْهُ.

وقال اللَّيثُ بن سعد: لا يجمعُ إلّا من جَدَّ به السَّيرُ.

وكان الأوزاعيُّ يقولُ: لا يُجمَعُ بين الصَّلاتينِ إلّا من عُذِر؛ لأنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا جدَّ به السَّيرُ جمَعَ (٣).

وعنِ الثَّوريِّ نحوُ هذا، وعنهُ أيضًا ما يدُلُّ على إجازَةِ جَمْع الصَّلاتينِ في وَقْتِ إحداهُما للمُسافِرِ، وإن لم يجِدَّ به السَّير.

وقال أبو حنيفةَ وأصحابُهُ: لا يَجمعُ أحدٌ بين الصَّلاتينِ في سفرٍ، ولا حَضَرٍ، لا صحيحٌ، ولا مريضٌ، في صَحْوٍ ولا في مطرٍ، إلّا أنَّ للمُسافِرِ أن يُؤَخِّرَ الظُّهر إلى آخِرِ وقتِها، ثُمَّ ينزِلَ فيُصلِّيَها في آخِرِ وقتِها، ثُمَّ يَمْكُثَ قليلًا ويُصلِّيَ العصرَ في أوَّلِ وقتِها، وكذلك المريضُ. قالوا: فأمّا أن يُصلِّيَ صلاةً في وقتِ أُخرى فلا، إلّا بعرفةَ والمُزدلِفة لا غيرُ (٤).

وحُجَّتُهُم ما رواهُ الأعمشُ، عن عُمارةَ بن عُمَير، عن عبدِ الرَّحمنِ بن يزيد، قال: قال عبدُ الله بن مَسْعُودٍ: والذي لا إلهَ غيرُهُ، ما صلَّى رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) المدونة ١/ ٢٠٥.
(٢) في م: "وفي سماع ابن القاسم، قال سحنون"، ولا يصح؛ لأن الكلام لابن القاسم.
(٣) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٢٠٧ (٣٨٤).
(٤) انظر: الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني ١/ ١٤٧، والمبسوط للسرخسي ١/ ١٤٩، والاستذكار ٢/ ٢٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>