للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد رُوِي هذا الحديثُ عنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من حديثِ الفِرسِيِّ، رجُلٍ من بني فِراسٍ، مذكُورٍ في الصَّحابةِ؛ حدَّثنا خلَفُ بن قاسم، قال: حدَّثنا أحمدُ بن الحَسَنِ بن عُتبةَ الرّازِيُّ بمِصرَ، قال: حدَّثنا أبو الزِّنباع رَوْحُ بن الفَرَجِ القطّانُ، قال: حدَّثنا يحيى بن عبدِ اللَّه بن بُكَيرٍ، قال: حدَّثني اللَّيثُ بن سَعْدٍ، عن جَعفرِ بن رَبِيعةَ، عن بكرِ بن سَوادةَ، عن مُسلِم بن مَخْشِيٍّ، أنَّهُ حَدَّثَ، أنَّ الفِراسِيَّ قال: كنتُ أصِيدُ في البَحرِ الأخضرِ على أرْماثٍ، وكنتُ أحمِلُ قِرْبةً فيها ماءٌ، فإذا لم أتوضَّا من القِرْبةِ، رفَقَ ذلك بي وبَقِيَتْ لي، فجِئتُ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقَصَصتُ عليه ذلك، وقلتُ: أنَتَوضَّأُ من ماءِ البَحرِ يا رسُولَ اللَّه؟ فقال: "هُو الطَّهُورُ ماؤُهُ، الحِلُّ مَيْتتُهُ" (١).

وقد أجمَعَ جُمهُورُ العُلماءِ وجَماعةُ أئمّةِ الفُتيا بالأمْصارِ من الفُقهاءِ، أنَّ البحرَ طهُورٌ ماؤُهُ، وأنَّ الوُضُوءَ جائزٌ به، إلّا ما رُوِي عن عبدِ اللَّه بن عُمرَ بن الخطّابِ، وعبدِ اللَّه بن عَمرِو بن العاصِ، فإنَّهُ رُوِي عنهُما: أنَّهُما كَرِها الوُضُوءَ من ماءِ البَحرِ (٢).

ولم يُتابِعْهُما أحَدٌ من فُقهاءِ الأمْصارِ على ذلك، ولا عرَّجَ عليه، ولا التفتَ إليهِ، لحديثِ هذا البابِ عنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.


(١) أخرجه ابن ماجة (٣٨٧)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ١٠/ ٢٠٨ (٤٠٣٧) من طريق يحيى بن عبد اللَّه بن بكير، به. وأخرجه الطحاوي أيضًا ٨٠/ ٢٥١ (٤٥٣٨) من طريق الليث، به. وأخرجه أبو عبيد في الطهور (٢٣٧)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ١٠/ ٢٠٩ (٤٠٣٩) من طريق جعفر بن ربيعة، به. ووقع عند ابن ماجة: "عن ابن الفراسي". والفراسي له صحبة، وابن الفراسي لم يدرك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. قاله البخاري. انظر: علل الترمذي الكبير، ص ٤١ (٣٤)، والوهم والإيهام لابن القطان ٢/ ٤٤٠ - ٤٤١، ونصب الراية ١/ ٩٩.
(٢) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (٣١٨)، وأبي عبيد في الطهور (٢٤٧، ٢٤٨)، ومصنَّف ابن أبي شيبة (١٤٠٣) و (١٤٠٤)، والأوسط لابن المنذر (١٦٣، ١٦٤)، وسنن البيهقي الكبرى ٤/ ٣٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>