للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبدِ العزيزِ البغوِيُّ، قال (١): حدَّثنا عبدُ الأعلى بن حمّادٍ، قال: قرأتُ على مالكِ بن أنَسٍ، عن عَمرِو بن أبي عَمرٍو، عن أنَسٍ: أنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- طلَعَ لهُ أُحُدٌ، فذكَرَهُ.

قال أبو عُمر: للنّاسِ في هذا مذهبانِ، أحدُهُما أنَّ ذلك مجازٌ، ومجازُهُ أنَّ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يَفْرحُ بأُحُدٍ إذا طلَعَ لهُ، استِبشارًا بالمدِينةِ، ومن فيها من أهْلِها (٢)، ويُحِبُّ النَّظر إليه، لقُربِهِ من النُّزُولِ بأهلِهِ، والأوْبةِ من سَفرِهِ، فلِهذا واللَّه أعلمُ، كان يُحِبُّ الجبل.

وأمّا حُبُّ الجبلِ لهُ، فكأنَّهُ قال: وكذلك كان يُحِبُّنا، لو كان مِمَّن تَصِحُّ وتُمكِنُ منهُ محبَّةٌ.

وقد مَضَى هذا المعنى في بابِ عبدِ اللَّه بن يزِيد واضِحًا، عِندَ قولِهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اشْتكتِ النّارُ إلى ربِّها. . . " الحدِيث (٣). والحمدُ للَّه.

ومن هذا قولُ عُمر بن الولِيدِ بن عُقبةَ (٤):

بكى أُحُدٌ إن فارقَ اليومَ أهلهُ ... فكيفَ بذِي وَجْدٍ من القَوْمِ (٥) آلِفُ

وقد قيلَ: معنى قولِهِ: "يُحِبُّنا"، أي: يُحِبُّنا أهلُهُ، يَعني الأنصار السّاكِنِينَ قُربهُ، وكانوا يُحِبُّونَ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ويُحِبُّهُم؛ لأنَّهُم آوَوْهُ، ونَصرُوهُ، وأقامُوا دِينهُ، فخرَجَ قولُهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- على هذا التَّأوِيلِ، مخرجَ قولِ اللَّه عزَّ وجلَّ: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا} [يوسف: ٨٢] يُرِيدُ: واسأل (٦) أهلَ القَرْيةِ (٧)، ومثلُه:


(١) في الأصل، م: "قالا".
(٢) في ت: "أهله".
(٣) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٤٨ (٢٨).
(٤) انظر: الأغاني ١/ ٢٦.
(٥) في ت: "الناس".
(٦) هذه الكلمة لم ترد في الأصل، م.
(٧) قوله: {وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا} [يوسف: ٨٢] لم يرد في م.

<<  <  ج: ص:  >  >>