للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال عبدُ الملكِ: وحدُّ ذلك ما لوِ التَقْتِ الحرَّتانِ عليه، كانتِ البُيُوتُ شاغِلةً منه (١)، وما فوقَ ذلك وأسفَلَ فمُباحٌ.

قال: وقال مالكٌ: أكرهُ ما قرُبَ جِدًّا من فَوْقٍ، وأسفَلَ (٢).

قال (٣): وبلَغَنا أنَّ سعدًا أخذَ ثوب من فعل ذلك وفأسهُ، فكلِّم فيه، فقال: لا أدعُ ما أعْطانِيهِ رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (٤).

قال: وبَلَغنا أنَّ عُمر بن الخطّابِ قال لمولًى لقُدامةَ بن مَظْعُونٍ، يُدْعى سالمًا: إذا رأيتَ من يَقْطعُ من الشَّجرِ، يعني من شجَرِ المدِينةِ، شيئًا، فخُذ فأسهُ. قال: وثَوْبهُ يا أمِيرَ المُؤمِنِينَ؟ قال: لا، ولكِن فأسهُ (٥).

قال أبو عُمر: لم يختلِفِ العُلماءُ: أنَّهُ لا يجُوزُ أخذُ فأسِ منِ اصْطادَ بالمدِينةِ اليومَ ولا ثوبِهِ، وقدِ احتجَّ بذلك من زعَمَ أنَّ تحرِيم صَيْدِها مَنسُوخٌ بذلك.

وهذا ليسَ بشيءٍ؛ لأنَّ الحدِيث عن سعدٍ وعُمر في ذلك ضعِيفُ الإسنادِ، ولا يُحتجُّ به، وقد ثبتَ تحرِيمُها (٦) من الطُّرُقِ الصِّحاح.

وليسَ في سُقُوطِ وُجُوبِ الجَزاءِ على منِ اصْطادَ فيها، ما يُسقِطُ تحرِيمها، لما قدَّمناهُ من الحُجَّةِ في ذلك، في بابِ ابن شهابٍ، عن سعِيدِ بن المُسيِّبِ، وثَمَّ اشْبَعنا القوَلَ في هذه المسألةِ.


(١) في ت، م: "عنه"، وفي الأصل: "يمنة"، والمثبت من د ٢. والمقصود أنّ ما بين الحرّتين من المحرّم.
(٢) قوله: "وأسفل" لم يرد في د ٢.
(٣) هذا الحرف سقط من م.
(٤) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (١٧١٥١، ١٧١٥٢)، والجندي في فضائل المدينة (٦٨)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ١٩١، والبيهقي في الكبرى ٥/ ١٩٩.
(٥) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (١٧١٥٠)، والجندي في فضائل المدينة (٦٧، ٧٧).
(٦) في ت: "تحريمه".

<<  <  ج: ص:  >  >>