للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يَكُن في شرِيعةِ إبراهيمَ جزاءُ صَيْدٍ، فيما قال أهلُ العِلم، والنَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إنَّما حرَّم المدِينةَ، كما حرَّم إبراهيمُ مكَّةَ.

ووُجُوبُ الجزاءِ في صَيْدِ الحَرَم شيءٌ ابْتَلَى اللَّه به هذه الأُمَّةَ، ألا تَرَى إلى قولِهِ عزَّ وجلَّ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ} [المائدة: ٩٤]. ولم يكُن قبلَ ذلك، واللَّهُ أعلمُ.

والصَّحابةُ فَهِمُوا المُرادَ في تحرِيم صَيْدِ المدِينةِ، فتَلقَّوهُ بالوُجُوبِ، دُونَ جَزاءٍ، كذلك قال أبو هريرةَ (١)، وزيدُ بن ثابتٍ (٢)، وأبو سعِيدٍ (٣).

ذكرَ إسماعيلُ بن إسحاقَ قال: حدَّثنا إسماعيلُ بن أبي أُوَيسٍ، قال: حدَّثني أخِي، عن سُليمانَ بن بلال، عن سعدِ بن إسحاقَ بن كعبِ بن عُجرةَ، عن زينب بنتِ كعبِ بن عُجرةَ، عن أبي سعِيدٍ الخُدرِيِّ، أنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حرَّمَ ما بينَ لابَتَيِ المدِينةِ، وأَنَّهُ حرَّمَ شَجَرها أن يُعضَدَ. قالت زينبُ: فكانَ أبو سعِيدٍ يَضْرِبُ بنِيهِ إذا اصطادوا فيها، ويُرسِلُ الصَّيدَ (٤).

قال: وحدَّثنا مُسدَّدٌ، قال: حدَّثنا عبدُ الواحِدِ بن زِيادٍ، قال: حدَّثنا عاصِمٌ الأحولُ، قال: قُلتُ لأنَسِ بن مالكٍ: حرَّم رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المدِينةَ؟ قال: نعم (٥).


(١) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٤٦٧ - ٤٦٨ (٢٦٠٠).
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٤٦٨ (٢٦٠٢)، وأحمد في مسنده ٣٥/ ٤٥٤ (٢١٥٧٦).
(٣) انظر ما بعده.
(٤) أخرجه أحمد في مسنده ١٧/ ٢٧٠ (١١١٧٧)، والنسائي في الكبرى ٤/ ٢٦١ (٤٢٦٩)، وأبو يعلى (٩٩٨)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ١٩٢، من طريق سعد بن إسحاق، به. وانظر: المسند الجامع ٦/ ٤٩٠ (٤٦٧٢).
(٥) أخرجه أبو نعيم في مستخرجه (٣١٧٠) من طريق مسدد، به. وأخرجه البخاري (٧٣٥٦)، ومسلم (١٣٦٦) من طريق عبد الواحد، به. وأخرجه أحمد في مسنده ٢٠/ ٣٥٤ (١٣٠٦٣)، وأبو يعلى (٤٠٢٧)، والبيهقي في الكبرى ٥/ ١٩٧، من طريق عاصم، به. وانظر: المسند الجامع ٢/ ٤٦١ (١٥٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>