للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي "الموطأ" (١): سُئِل مالك، عن الملاحفِ المعَصْفَرة في البيوتِ للرجال وفي الأفْنية، فقال: لا أعلَمُ من ذلك شيئًا حرامًا، وغيرُ ذلك من اللباس أحَبُّ إليَّ.

وأما قوله في الحديث: "ورأيتُكَ إذا كنتَ بمكة أهلَّ الناسُ إذا رأوا الهلال، ولم تُهِلَّ أنت حتى كان يومُ التَّروية. فقال ابنُ عمر: لم أرَ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يَهِلُّ حتى تنبَعِثَ به راحلتُه" فإن ابنَ عمرَ قد جاء بحُجّة قاطعةٍ نزَع بها، وأخَذ بالعموم في إهلالِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم يَخُصَّ مكةَ من غيرها، وقال: لا يُهِلُّ الحاجُّ إلا في وقتٍ يَتَّصِلُ له عملُه وقصدُه إلى البيت ومواضع المناسِك والشعائر؛ لأن رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أهَلَّ واتَّصَل له عملُه. وقد تابَع ابنَ عمرَ على قوله هذا في إهلال المكِّيِّ ومَن بمكة من غير أهلِها جماعةٌ من أهل العلم.

ذكر عبدُ الرزاق، قال (٢): أخبَرنا معمرٌ، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: لا يُهِلُّ أحدٌ من مكةَ بالحجِّ حتى يريدَ الرَّواح إلى منًى. قال ابنُ طاووس: وكان أبي إذا أراد أن يُحرِمَ من المسجدِ استلَم الركنَ ثم خرج.

قال عبدُ الرزاق: وأخبرنا ابنُ جريج، قال: قال عطاء: وجهُ إهلال أهل مكةَ أن يُهِلَّ أحدُهم حينَ تتوجَّهُ به دابتُه نحوَ منًى، فإن كان ماشيًا فحين يتوجَّهُ نحوَ منًى (٣).

قال ابنُ جريج: قال لي عطاء: أهلَّ أصحابُ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذْ دخَلوا في حجتِهم مع النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَشِيّة التَّرْويةِ حينَ توجَّهوا إلى منًى. قال ابنُ جريج: وقال لي ابنُ طاووس ذلك أيضًا.


(١) ٢/ ٤٩٩ (٢٦٤٩).
(٢) في المصنَّف ٥/ ٤٣ (٨٩٣٦)، وليس في المطبوع منه إلّا قول ابن طاووس عن أبيه، دون قول ابن عباس في أوّله.
(٣) أخرجه الفاكهي في أخبار مكّة (١٦١١) من طريق عبد الملك بن جريج، به. عطاء: هو ابن أبي رباح.

<<  <  ج: ص:  >  >>