للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المصدر المنسبك من أنْ وصلتها خبر مبتدأ محذوف والتقدير هي -أي دلالة الإيماء والتَّنبيه- أن يقرن -أي اقتران- الوصف بحكم لو لم يكن الوصف علة لذلك الحكم لعابه الفَطِن بمقاصد الكلام لأنه لا يليق بالفصاحة، وكلام الشارع لا يكون فيه ما يُخل بالفصاحة، ومثاله: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة/ ٣٨]، لأنه لو لم يكن القطع لعلة السرقة لما كان في قول "السارق والسارقة" فائدة.

ومن أمثلته: قصة الأعرابي الذي جاء يضرب صدره وينتف شعره ويقول: هلكتُ وأهلكتُ، واقَعْت أهلي في نهار رمضان، فقال له -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اعتق رقبة" (١)، فلو لم يكن عتق الرقبة لِعِلَّة المواقعة لكان الكلام بلا فائدة. وسيأتي للمؤلف الكلام على أنواع الإيماء في مسالك العلة لأنه هو المسلك الثالث منها.

وعلى القول بأن المنطوق صريح فقط فلا إشكال، وعلى أن منه صريحًا وغير صريح، فإنه يشكل الفرق بين المنطوق الغير الصريح وبين المفهوم (٢)، فيحتاج إلى الفرق بين المفهوم مع الاقتضاء والإشارة والإيماء، والفرق بين المفهوم ودلالة الإشارة مصاحبة القصد الأصليّ له دونها. والفرق بينه وبين دلالة الاقتضاء ظاهر، وهو توقف الصدق أو


(١) أخرجه البخاري رقم (٦٠٨٧)، ومسلم رقم (١١١١) من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.
(٢) قال المؤلف في "المذكرة": (ص/ ٤١٨) بعد ذكر الدلالات الثلاث: وكل هذه الثلاث من دلالة الالتزام، والحق أنها من المفهوم.