للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عمل (لا) التي لنفي الجنس]

قال: (فانصب بها مضافاً أو مضارعه وبعد ذاك الخبر اذكر رافعه) قوله: (انصب) فعل أمر، والفاء في قوله: (فانصب) للتفريق، أي: فبعد أن عرفت أنها تعمل عمل (إنَّ) فانصب بها.

مضافاً: مفعول انصب.

أو مضارعه: مضارع: معطوف على (مضافاً)، وهو مضاف والهاء مضاف إليه.

وبعد ذاك: بعد: ظرف مضاف إلى ذا، والكاف حرف خطاب.

الخبر: مفعول (اذكر) مقدم، والظرف في قوله بعد ذاك متعلق باذكر.

رافعه: حال، أي: حال كونها رافعة له، وليست الهاء ضميراً، بل هي تاء التأنيث، وتقدير الكلام: واذكر الخبر بعد الاسم حال كون (لا) رافعة له.

والمراد بقوله: (أو مضارعه) أي: مشابه المضاف، ومشابه المضاف ما تعلق به شيء من تمام معناه، بمعنى: أن ما بعده يكون متعلقاً به من حيث المعنى، كما يتعلق المضاف إليه بالمضاف، ولهذا سمي: مشابهاً للمضاف.

مثال المضاف: لا غلامَ رجلِ قائمٌ.

ومثال المشبه بالمضاف: لا قبيحاً فعلهُ محمود، فـ (قبيحاً) غير مضاف، لكنه تعلق به شيء من تمام معناه وهو (فعل)؛ لأن (فعل) فاعل قبيح، ومحمود: خبر لا.

وقد يكون المتعلق منصوباً، كقولك: لا راكباً سيارةً موجود، وقولهم: لا طالعاً جبلاً حاضر، فالمتعلق هنا منصوب.

وقد يكون مجروراً، مثل: لا مطالعاً للكتابِ حاضر، فإن (للكتاب) جار ومجرور متعلق بـ (مطالعاً).

إذاً: معنى قوله: (أو مضارعه) أي: مشابهه، ونعرف المشابه بأنه ما تعلق به شيء من تمام معناه، فيكون له به تعلق: إما بالرفع، وإما بالنصب، وإما بالجر.

قال ابن عقيل: [أي: مشابهاً للمضاف، والمراد به: كل اسم له تعلق بما بعده إما بعمل وإما بعطف].

فقوله: (وإما بالعطف)، مثل أن تسمي رجلاً: ثلاثة وعشرين، فتقول: قام ثلاثة وعشرون، ورأيت ثلاثة وعشرين، ومررت بثلاثة وعشرين، فإذا أدخلت (لا) قلت: لا ثلاثةً وعشرين حاضر، فتعطف عشرين على ثلاثة؛ لأنه لا يتم معناها إلا بالعطف، ولو قلت: لا ثلاثة، لما عرف أنه اسم، فإذا قلت: لا ثلاثةً وعشرين، عرف أنه اسم، إذاً لا بد من ذكر العشرين.

وقوله: (وبعد ذاك الخبر اذكر رافعه) يدل على أنه لا بد من الترتيب بين اسم (لا) وخبرها، فيذكر الخبر بعد الاسم، ولا يذكر الخبر قبل الاسم، فلا يصح أن تقول: لا في البيت رجل، بل لا بد من الترتيب.

وقوله: (رافعه) يدل على أن (لا) النافية للجنس تعمل في المبتدأ والخبر كما تعمل إن وأخواتها، وأن رفع اسمها ليس رفعاً مبنياً على الأصل، بل هو رفع جديد، حدث بدخول لا.

والخلاصة: أن (لا) النافية للجنس تعمل عمل إنَّ، ثم إن كان اسمها مضافاً أو مشابهاً للمضاف وجب نصبه، وإذا وجب نصبه صار منوناً، نحو: لا قبيحاً فعله محمود، لا راكباً سيارةً موجود، لا مطالعاً في الكتاب حاضر.