للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحالات التي يكون فيها صاحب الحال نكرة]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ومصدر منكر حالاً يقع بكثرة كبغتة زيد طلع ولم ينكر غالباً ذو الحال إن لم يتأخر أو يخصص أو يبن من بعد نفي أو مضاهيه كلا يبغ امرؤ على امرئ مستسهلا وسبق حال ما بحرف جر قد أبوا ولا أمنعه فقد ورد] سبق أن الحال وصف، والوصف ما دل على حدث وفاعله، مثل قائم ومضروب، يعني اسم الفاعل واسم المفعول، وتقدم أنه قد يخرج عن كونه وصفاً إلى أن يكون جامداً لكنه مؤول بالوصف.

ثم ذكر المؤلف أيضاً أنه يستثنى من ذلك المصدر، فالمصدر ليس وصفاً ولا مشتقاً، بل المصدر مشتق منه، فالفعل (ضَرَب) من مشتق من الضرب، وأكل من الأكل، ونام من النوم.

فالمصدر مشتق منه وليس مشتقاً، فلا يصح أن يجيء حالاً، لأن القاعدة أن الحال لا بد أن يكون وصفاً؛ لكن المؤلف يقول: (ومصدر منكر حالاً يقع).

مصدر: مبتدأ، وصح أن يكون مبتدأً وهو نكرة -ولا يصح الابتداء بالنكرة- لأنه موصوف وصفه (منكر).

حالاً: حال.

يقع: الجملة خبر (مصدر).

والمعنى أن المصدر المنكر يقع حالاً بكثرة، مثاله: (بغتة زيد طلع)، أصل هذا التركيب: زيد طلع بغتة، لكن قدم الحال من أجل الروي فقال: بغتة زيد طلع، وإعرابها: بغتة: حال من فاعل طلع، لا من زيد.

زيد: مبتدأ.

طلع: فعل ماض والفاعل ضمير مستتر، والجملة من الفعل والفاعل المستتر خبر المبتدأ.

قاعدة هذا البيت: يقع المصدر المنكر حالاً كثيراً مثاله: طلع زيد بغتة {لا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً} [الأعراف:١٨٧] أي: لا تأتيكم إلا مفاجأة.

هذا ما ذهب إليه المؤلف، أعني: أن بغتة حال، وقيل: إن بغتة ليس بحال وإنما هو مصدر، والحال هو الفعل الذي هذا مصدره، ويكون المعنى: زيد طلع يبغت بغتة، ويصير الحال جملة (يبغت)، ولم يعربوا (بغتة) حالاً لأنها مصدر، وهؤلاء هم المتعصبون المتشددون.

ثم على القول بأن المصدر نفسه هو الحال هل ينقاس أم يقتصر فيه على السماع؟ قال بعضهم: يقتصر فيه على السماع، وحكي إجماع النحويين عليه، ولكنه غير صحيح.

وقال بعضهم: بل ينقاس ولا يقتصر فيه على السماع، وهذا القول هو الراجح عندنا، وذلك لأن المصدر يقع خبراً كثيراً، تقول: زيد عدل، وعمرو رضا، وخالد ثبت، وما أشبه ذلك، فإذا كان المصدر يكون خبراً ويكون صفة فلماذا لا يكون حالاً؟ فالصحيح أنه يأتي حالاً قياساً.

فعندنا الآن ثلاثة آراء: الرأي الأول: لا يكون المصدر حالاً أبداً، وما أتى من كلام العرب يوهم ذلك فيجب أن يؤول، وذلك بأن يجعل المصدر مصدراً، والفعل الذي انتصب به هذا المصدر هو الحال.

والقول الثاني: يصح أن يكون المصدر حالاً ولكنه مقصور على السماع ولا يقاس عليه.

والقول الثالث: يصح أن يكون المصدر حالاً وهو مقيس لكنه قليل، وابن مالك كما سيأتي في النعت إن شاء الله يقول: ونعتوا بمصدر كثيرا فالتزموا الإفراد والتذكيرا