للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآيتان (٩٤، ٩٥)]

* * *

* قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ (٩٤) وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ} [الشعراء: ٩٤ - ٩٥].

* * *

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{فَكُبْكِبُوا} أُلقُوا {هُمْ وَالْغَاوُونَ}(هُمْ) الضَّميرُ يعودُ عَلَى ما يَعْبُدُونَ من دونِ اللهِ، وقولُه: {فَكُبْكِبُوا} بمَعْنى: أُلقوا، ولكن هَذَا التكرارُ يدلُّ عَلَى معنًى أدقَّ من الإلقاءِ فقطْ، يعني: كأنَّهم يُكَبُّون فيها عَلَى وُجُوهِهِم، وبدون أيضًا ترتيبٍ، وبدونِ نظامٍ، كأنما يحثون حثيًا - وَالْعِيَاذُ بِاللهِ - ويُلقَون.

قَالَ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ}: أتباعُه ومَن أطاعَهُ مِنَ الجِنّ والإنسِ {أَجْمَعُونَ}]، أعوذُ باللهِ! جنودُ إبليسَ هم الَّذين يَتَّبِعُونَه ويُغْوُونَ النَّاسَ، فكلُّ مَن سَعَى فِي إغواءِ النَّاسِ والإفسادِ بينهم؛ فإنهم جنودُ إبليسَ، ومعلومٌ أن جنودَ إبليسَ عَلَى عكسِ جنودِ الرَّحْمنِ، فجنودُ الرَّحْمنِ يَدْعُون إِلَى الخيرِ، ويأمرونَ بالمعروفِ وَينهونَ عنِ المُنْكَر، وأولئك يَدعونَ إِلَى الشرِّ، ويأمرونَ بالمنكَرِ وينهونَ عن المعروفِ.

وفي هَذَا دَليلٌ عَلَى أنَّ كلَّ مَن نَصَرَ أحدًا فهو من جُنُودِهِ ولو بالإتباعِ؛ فَإِنَّهُ يكونُ من جُنْدِهِ، ولهذا قال النبي عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ" (١).


(١) أخرجه البخاري: كتاب الأدب، باب علامة حب الله عَزَّ وَجَلَّ، رقم (٦١٦٨)، ومسلم: كتاب البر والصلاة والآداب، باب المرء مع من أحب، رقم (٢٦٤٠).

<<  <   >  >>