للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتَّقْوى هي اتّخاذ وِقاية من عذابِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بفعلِ أوامرهِ، واجتنابِ نواهيهِ، وهذا أجمعُ ما قيل في التَّقْوى، ولهم فيها عباراتٌ كَثِيرَة.

أمَّا الطَّاعة فأصلُها الإنقيادُ، ومنه قولهم: هذه الناقةُ طَوْعُ صَاحِبِها، أي: مُنقادة له وذليلةٌ، وتفسّر بأنها موافقةُ الأمرِ تَذَلُّلًا للآمِرِ؛ لأن موافقةَ الأمر قد تكونُ تَذَلُّلًا للآمرِ، وقد تكون كالإكراهِ، والتي تكونُ كالإكراهِ لا تكونُ طاعةً.

ويُستفاد من قوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ} وجوبُ تقوى الله، ووجوبُ طاعةِ رسولِه؛ لأن طاعةَ رسولِه من طاعتِه؛ {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النِّساء: ٨٠].

قَوْلهُ: {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ}: أي: على ما أقولُه لكم، أو: على تبليغِ الرِّسالَةِ، والمَعْنى متقارِبٌ، يَعْنِي: أنا لستُ أقولُ: أَعْطوني شيئًا، وإنَّما آمُرُكم بما فيه خَيْرُكم، لو كنتُ أسالكم أجرًا على ذلك لكَانَ لكم الحُجَّة في أنْ تَرُدُّوا، لكنِّي لا أسألكم عليه أجرًا، يَعْنِي ثوابًا وعِوَضًا.

قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: {إِنْ} مَا {أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ}]، وفي هذا كمال الإخلاص، يَعْنِي: أنا لا أريدُ الأجرَ إلَّا منَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

وقَوْلهُ: {إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} يقول العلماءُ: إنَّ (عَلَى) تفيدُ الوجوبَ؛ لأنه ما قال: إن أَجْرِي إلَّا مِن ربِّ العالمينَ، بل قال: {عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ}.

وهلِ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَجِبُ عليه شيْءٌ؟

الجَواب: أمَّا أنْ نُوجِب عليه فلا، وأما أنْ يُوجِب على نفسِه تَكَرُّمًا، فهذا لا مانعَ منه.

<<  <   >  >>