للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فاشتد قلق الكونتيس وحيرتها وبدا في أسارير وجهها آيات الغم والكرب ثم تماسكت واستعادت ثباتها ورزانتها.

وقال هرمان: ألا تستطيعين تسمية هذه الورقات الثلاث؟

فاستمرت العجوز في سكوتها وقال هرمان:

لمن تدخرين هذا السر؟ لأحفادك؟

إنهم ليسو بحاجة إذ هم أغنياء من دونه ثم هم لا يعرفون للمال قيمة فورقاتك لا فائدة فيها ولا ثمرة للمبدد المبذر لأن الرجل الذي لا يستطيع صيانة تراث أبيه يعجز عن صون ما عداه من مال طريف ومتاع مستحدث ومثل هذا لا يموت إلا فقيراً ولو كان رهن إشارته وطوع بنانه جن سليمان يأتونه ما يشاء ويبغي ولكني لست من تلك الفئة وذلك القبيل إذ كنت أعرف قيمة المال فأوراقك الثلاث لن تذهب على سدى ولن تطيح معي جباراً فدعك من هذا الكتمان وبوحي لي بأسمائها.

ثم سكت ولبث ينتظر رجع جوابها مرتجف الأوصال من سدة انفعاله وتمادت الكونتيس في سكوتها فخر هرمان راكعاً تحت قدميها.

وقال: إذا كان شعاع الحب قد أشرق قط على ساحة قلبك.

وإذا كنت تذكرين حلاوة ذلك الشعور وطربه ولذته. .

إذا كنت جربت شعور الأم نحو طفلها الرضيع وأطرب أذنيك نغمة وليدك وهو يضحك ويغرد - إذا كان قلبك قد عرف قط أي شعور إنساني ودب إليه أدنى إحساس آدمي - فإني أستحلفك بعواطف الزوجة والوالدة والعاشقة - أعني بك ما هو مقدس في الحياة أن لا تردي دعائي ولا ترفضي طلبي بوحي لي بسرك أي فائدة لك فيه.

ومن المحتمل أن يكون هذا السر متصلاً بإثم عظيم أو جرم جسيم - بمحالفة الأبالسة ومعاملة الشياطين مما يستوجب الحرمان الأبدي من رحمة الرحمن ويستجلب لعنة الله إلى يوم الدين.

وأنت عجوز هرمة قد أكل عليك الدهر وشرب وأيامك في هذه الحياة معدودة ولعلك هامة اليوم أو غد فتدبري حالك وانظري في عاقبتك ومآلك واطرحي على كاهلي هذا السر وما يتصل به من إثم وجريمة - فإن حامله عنك ومريحك من شره وأذاه. أفشي إلي سرك