للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واذكري أن في يدك سعادة إنسان وشقاءه ونعيمه وبلاءه.

وإني أنا وأولاد ي وأحفادي من بعد سنثني عليك ما حييت ونستمطر ضريحك سحائب الرحمة والرضوان بعد مماتك ونصلي لروحك كما يصلى لأرواح الأبرار والقديسين. كل ذلك والكونتيس صامتة لا تنبس بكلمة.

فثار هرمان لقدميه.

وصاح وهو يحرق نابه على العجوز غيظاً وحقداً: تباً لك وسحقاً أيتها العجوز الشوهاء سأرغمك على الكلام إرغاماً، ثم سحب مسدساً من جيبه.

فعند رؤية المسدس بدت علائم القلق والاضطراب على وجه الكونتيس للمرة الثانية، فهزت رأسها ورفعت يديها كأنما تحاول اتقاء الطلق. .

ثم استلقت على ظهرها وبقيت مسلوبة الحركة.

فصاح هرمان وقبض على يدها: أجيبي ودعك من هذه السخافة الصبيانية إني أسألك لآخر مرة فأجيبي: أتسمين لي الورقات الثلاث.

فلم تحر الكونتيس جواباً. فتأمل هرمان وجهها فإذا هي ميتة.

الفصل الرابع

كانت ليزافيتا إيفانوفنا جالسة في غرفتها لم تنزع بعد حلة المرقص منغمسة في لجة من الأفكار والخواطر. وكانت لدى وصولها القصر صرفت خادمتها التي تقدمت نحوها متثاقلة مكرهة لتعينها على نضو ثيابها فأخبرتها أنها ليست بحاجة إليها وأنها ستنضو ثيابها بنفسها.

ثم صعدت إلى حجرة خفاقة الأحشاء وهي تتوقع أن تجد هرمان هنالك وتود من أعماق قلبها أن لا تجده فلما ولجت باب الغرفة علمت لأول وهلة أنه غير موجود فأثنت على الأقدار وحمدت حسن حظها الذي حال بين هرمان وبين المجيء في الموعد المضروب.

ثم جلست دون أن تنزع ثيابها وأخذت تعيد كرة الفكر على تلك الحوادث التي ساقتها في ذلك الوقت القصير إلى هذه النقطة الخطيرة وكيف ولم يكن قد مر ثلاثة أسابيع منذ لمحت الفتى الضابط لأول مرة من النافذة وهي مع ذلك قد أصبحت تراسله وتمكن هو من حملها على أن تضرب له موعد لقاء في جوف الظلام!