للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهنا أقبل عليه ثلاث سيدات إحداهن البرنسيس بولين ذاتها فقطع تومسكي حديثه. ثم جرى بين الحبيبين عتاب انتهى بالصلح والوئام. ثم أوصلها إلى مجلسها من الحفلة وعاد هو إلى مجلسه. وقد انمحى من ذاكرته ليزافيتا وهرمان وكل ما يتعلق بهما. وأرادت ليزافيتا أن تستأنف مع تومسكي الحديث المبتور ولكن الرقص انتهى وآذن عقد الحفلة بانتثار ونهضت الكونتيس للخروج.

كانت لكمات تومسكي ليست أقل ولا أكثر من تافه الحديث الذي يتخلل حركات الرقص ولكنها رسبت في أعماق نفس الفتاة العاشقة. وكانت الصورة التي صور فيها تومسكي خلق هرمان وخلقه تنطبق على ما كانت الفتاة قد صورته بريشة الوهم والخيال على صحيفة ذهنها وقد أعانها ما قرأته من روايات ذلك العصر على أن تعير وجه معشوقها من المزايا والصفات ما هو جدير أن يروعها ويسحر لبها.

ففي تلك اللحظة كانت الفتاة جالسة في حجرتها وذراعاها الحاسرتان مضمومتان على صدرها وراسها الذي لا يزال مزداناً بالأزهار منكس على صدرها العاري وترئبها المصقولة فإنها لكذلك إذ فتح الباب ودخل هرمان فعرتها هزة.

وسألته بصوت خاف: أين كنت؟

فأجاب هرمان: في مرقد الكونتيس لقد غادرتها اللحظة أن الكونتيس قد ماتت.

يا الله! ماذا تقول؟

قال هرمان: وأخشى أن أكون أنا السبب في موتها.

فنظرت إليه ليزافيتا وإذا بكلمات تومسكي قد ثار لها صدى في روح الفتاة: إن في عنقه ثلاث جرائم!

وجلس هرمان لدى النافذة على كثب منها فقص عليها ما جرى.

وأصغت له الفتاة وفرائضها من الفزع ترتعد. وكذلك ظهر لها أن جميع تلك الرسائل الغرامية والرغبة الشديدة والحرص والطلاب والمطاردة لم تكن منبعثة عن عاطفة الحب!

ولكن المال هو جل بغيته ومرغوبه وما تصبو إليه نفسه ويحن إليه قلبه! وإنها لم تكن سوى آلة عمياء في يد لص، في يد قاتل سيدتها وولية نعمتها!

فذرفت دموع الندم حارة مرة. وجعل هرمان ينظر إليها صامتاً وقلبه ايضاً نهب الوساوس