للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

نحب أن يكون الرجل ضخماً عملاقاً مالئاً ل ليكون حقيقاً أن يكتب له في صحيفة الخلود مثل ما يأتي جمع ذيله وحسر عن ساقه ويده وقام قاصداً المكان الفلاني وأحق الأعمال بالتصديق أعمال رجال تطامنت لهم المفارق لأول ما ظهروا واقتنعت بصدقهم المشاعر كما وقع للحكيم الشرقي الذي بعث ليسبر غور (زوريستر) ويبلو ما عنده فقد زعم الفرس أن الحكيم اليوناني لما وصل (بلخ) أمر جوشتاسب بالحكماء والعلماء أن يجتمعوا لديه في يوم معلوم ونصب لمجلس اليوناني كرسياً من الذهب فلما جاء اليوم المعلوم واحتشد الحكماء ومشي زوريستر وسط جموعهم ورآه الحكيم اليوناني قال تاالله لا تكذب هذه الطلعة ولا تلك المشية وما كان الكذب ليجد إلى لسان هذا الرجل سبيلا وقال أفلاطون محال أن لا نصدق أبناء الآلهة وإن كانت حججهم لا محتملة ولا ضرورية غير أنه لا حاجة بنا إلى إثارة دفائن القرون الماضية فإن أعمى الناس من لم تهده تجاريبه إلى قوة السحر وهل يستطيع أجمد الناس وأشدهم مراء أن يسير من غير أن يصادف في طريقه مؤثرات مستعجمة العلل متنكرة الأسباب هذا يرشقه بنظرة فتنشر الذكري ما مات وفات وذلك يحدجه ببصره فتنضب قريحته ويمتنع عليه القول ويحس كأن مفاصله تفككت. ويدخل عليه صديق له فيتحدر تحدر السيل ويتدفق تدفق اليعبوب وتجري الفصاحة بين شفتيه ولهاته والبلاغة بين لسانه وفؤاده هذا إلى أنه لا يستطيع إلا أن يذكر أناساً بعينهم قد أوروا في صدره حياة أخرى!

ونحن إذا كان من وراء طاقتنا أن نبلغ رتبة العظماء ومنزلة ذوي الشخصية فما أحرانا أن نعرف لهم قدرهم ونخفض لهم جناح الضعة فإني لا أعرف لمن لا يفطن لصاحب الشخصية عذراً ولا أصفح عمن يتجاهله أو يعرفه فينكره ويلقاه فيتجهمه فإن ذلك ذنب لا تسعه مغفرة وجرم تقفل من دونه فاعله أبواب السماء.

٢

الواجب

للفيلسوف جول سيمون

تعريب الأستاذ محمد لطفي جمعه