للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من جدران بيتي وأبوابه بأمنع معقل وأحرز حصن فسواء عليّ قضى ذلك الرجل ليلته على عتبة داري أو ببلاد الصين ما دام سيذهب مع الظلماء. وقد كان ذلك فلما خرجت الغداة إلى ذرا بيتي لم أجد له أثراً.

ولم يمض إلا قليل حتى رأيته ثانياً وذلك أني ركبت اليمّ مرة وكان بي دوار سببه أولاً إدامة الأكباب على الورق وثانياً شمي عقاقير خبيثة الرائحة يفغم ذفرها الخياشم فزجيت الزورق على الشاطئ بضعة أميال ثم أصابتني غلة فحسبت مطية الماء عند مصب جدول ونزلت إلى الساحل لأرد وكان ذلك الجدول يشتق أرضي ولكن مصبه في أرض أخرى. فوردت حتى إذا هممت أن أصدر وجدتني أمام الروسي وجهاً لوجه وقد استبحت من حماه مثل ما استباح سالفاً من حماي فعراني الخجل وقطن إليها، قال لي في وقار وجد عندي لك حديث قصير.

فقلت ونظرت إلى ساعتي إذن فلتسرع فليس في وقتي للهراء مجال.

فقال مغضباً الهراء! ما أعجب أحوالكم معشر الاسكوتلانديين إن لكم لظواهر فظة تحتها قلوب رقيقة. وأنت من القوم ففيك ولا شك مع هذه القسوة والشدة لين وهوادة.

قلت باسم الشيطان إلا ما قلت قولك وخليتني وشأني فلقد والله سئمت رؤيتك فصاح قائلاً أوقد أبى الله أن ألين من قلبك القاسي وأذيب من حصاة فؤادك أنظر ثم استخرج من جيبه صليباً هذا. إنهُ ربما خالفت ملتك عقيدتي. وباين مذهبك نحلتي. ولكنه يجمعنا عواطف وآراء مشتركة إذا نظرنا هذا.

فأجبته لست من قولك على ثقة.

فنظر إليك متفكرا ثم قال ما أعجب والله شأنك وأني لي بأن أفهمك فأنت لا تزال حائلاً بيني وبين سوفي فاعلم يا رعاك الله أنك لتحرجن موقفك ولتخطرن دمك فانتبه إلى ذاك قبل أن يتفاقم الخطب ويبلغ السيل الزبى. ومن لي يبلغك ماذا خضت في سبيل تلك الغادة من الهول وماذا ركبت من أجلها من الخطر أشق غمار البحار. وأجوب. أقطار القفار، وأقذف فحمة الليل بجمرة النهار. معرضاً في خلال ذلك جسمي للدمار ونفسي للبوار. فأين أنت مما قد اجتزت من العقبات. وخضت من القحم والهلكات يا من لو شئت سللت روحه على ظبة مديتي. واختلست حياته على غرار صفيحتي. ولكن أبى لي الله والتقي أن أفعل