للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ذلك!.

أولى لك أن تعود إلى موطنك من أن تكمن بهذا الساحل لتكدر صفائي. حتى إذا تثبت من ذهابك أسلمت الفتاة إلى دار السفارة الروسية. فأما قبل ذلك فإنا جار الفتاة منك وملاذها وموئلها أقيها المكروه بطارفي وتلادي ولا أدخر سبيل صونها نفسي. وليس في قدرتك ولو عزز جانبك ألف من أهل جلدتك أن تغلبني عليها قال وماذا تريد بمنعها مني؟ أفتحسب أني كنت نائلها قط بأذى. أصلحك الله إني ما بخلت بروحي في سبيل وقايتها. فماذا فعلك هذا؟.

قلت هو حق المستجير على جاره.

قال وتأجج الغضب في نظراته ودلف إلى مشعانّ الرأس ممدود الذراعين مقبوض اليدين وأما وربك لو أنه رابني منك في شأنها ربية وإنك تضمن بها لأمر غير صالح إذاً والله قلبك من حشاك بأظفاري وكأن مجرد توهمه ذلك الوهم قد أطار عقله حتى انقلبت سحنته وراحت كفاه بين قبض وبسط راجفتين تجفان. فخلت والله أنه سيأخذ بكظمي.

لذلك صحت به مكانك وقلت ويدي على المسدس مسني بإصبع منك أفرق بين روحك وجسدك!.

فوضع يده في جيبه هنيهة فحسبت أن يستخرج سلاحاً ولكنه ما لبث أن أخرجها بيضاء من غير سوء اللهم إلا من تبغة أشعلها وأقبل يشرب أنفاسها ولعله كان يرى هذه خير كابح لجماح شره.

وقال بصوت أرق ولهجة ألين لقد خبرتك أن اسمي أوجانيف وإني من أهل فنلاندة ولكني وزعت عمري بين أنحاء الأرض طراً. ولقد خلقني الله قلقاً متوقداً لوذعياً يكاد يسرب في الخرت وينغل في مجاري السموم لا طاقة لي بالسكون ولا قدرة لي على الدعة بنفس متفشية لا يكاد يسعها عرض الفضاء. وتكاد تضيق بها رقعة الأرض وأديم السماء.

ليس يخلى مني مكان مكانا ... أنا شيء خصوصه كالعموم

أنا طيف الخيال يطرق أهل ال ... أرض من بين ظاعن ومقيم

فلما ورثت مركب أبي لم أدع مرفأ ما بين أرشانجيل وأستراليا إلا وقد طرقته. وكان لي على غلطتي وخشونتي وجفاء طبعي مهجة لا تزال تحن إلى حبيبة لي بديار قومي وكبد