للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إليها نزاعة فلما كنت في بعض أسفاري ازدلف إليها غلام مصقول العارضين أمرد ناعم البنان معسول اللسان. طين بما يستهوى قلوب الغانيات. ويطبي أهواء الفتيات. من حلو الكلم ولطيف الإشارات. فسلبني هذا الغلام بحيلته ودهائه الغادة التي ألقيت عندها مراسي الأمل ونطت بها أسباب الهوى والتي أرعيتها بارض الحب وأمطرتها وسمى المدامع. والتي لم تك لتضن عليّ بالحب أو تجزيني بالود كرهاً. فلما أبت من رحلتي خبرت غادتي وفلذة كبدي ستتزوج من ذاك الغلام الغض الأهاب. البض الشباب. وأن الزوج قد ذهبا إلى الكنيسة. ولتعلم يا سيدي أني في حال كهذه يذهب رشدي فآنى من الأمر ما لا أكاد أعرف أقول فلما بلغني ذلك النبأ نزلت الشاطيء بالنوتية وكانوا رهطاً أولى بأس ونجدة كلهم كالحسام عضب المضارب ماضي الغرارين لم يؤت من نبوة ولا كلال فعمدنا إلى الكنيسة فدخلناها وإذا الزوج واقفان حيال المطران قد كاد يعقد لهما ولما يفعل. فاندفعت بينهما فطوقتها ذراعي وأثخن رجالي الضرب في الفتى وسائر القوم واحتملتها حتى أتيت ورهطي المركب فأقلعنا بها نمخر العباب إلى أن رأينا ذوائب المنار تذوب في قصوى الفضاء. وبوأت الغادة غرفتي وخولتها أسباب الراحة طراً وأخذت مضجعي بين النوتية وأنا أرجو أن يلين الله يوماً ما عليَّ قلبها ويجذب إليَّ عطفها. ويمنحني عطفها. فترضى أن أعقد عليها في فرنسا أو ألمانيا مثلاً وكذلك ما برحت تتقاذفنا البحار. وتتهادانا الغمار. وتطوح بنا كفّ التيار، حتى رأينا الرأس الشمالي يموت على مهاد الأفق وتلحد له الأمواج في ضميرها جدثاً. ثم تقصينا ساحل النرويج وهي لا تزال مصرة على الصد لاجة في النفور لا تغفر لي تفر بقي بينها وبين عاشقها وأخيراً رمانا الله بتلك العاصفة التي ألوت بمركبي وآمالي وحرمتني حتى النظر إلى الغادة التي ركبت في حبها من الهول ما ركبت. فعسى الله ينزل على قلبها بعد كل ذلك حبي ويلهمها رقة لي ورحمة. ثم رنا إليَّ طويلاً وقال وإني يا سيدي أتوسم فيك أخاً حنكة وابن تجارب قد حلب أشطر الدهر وأطال على الأمور توقافاً. أفليس في فراسنك أنها ربما نسيت بي حبيبها ذاك واجدة فيَّ بدلاً؟.

قلت وزويت عنه وجهي قد والله سئمت حديثك. فأما إذ سألتني رأيي فرأيي أنك معتوه أحمق. وإنك إن كنت تؤنس من نفسك أن حبك هذا خطب لا يلبث أن يهون ومصاب لا ينشب أن يخف فيزول فعلل نفسك حتى يكون ذلك بكل ما استطعت فأما إن كان داء عياء