للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فإن أشكل عليهم) (١) أي: على أهل الخبرة (فإذا لم يعلم يرجع إلى الأصل) (٢) وهو القضاء للخارج فإن أقام الخارج البيّنة إلى أن قال كان صاحب اليد أولى ذكر في الفصول (٣) فالحاصل أن الخارج مع ذي اليد إذا ادّعيا ملكًا مطلقاً ففي كل الصور الخارج أولى إلا أذا أقام صاحب اليد بينة على النِّتاج وأرّخا وتاريخ صاحب اليد أسبق وفي هذه الصورة التي ذكرها في الْكِتَابِ (٤) يترجّح بينة صاحب اليد أيضاً وهي فيما إذا أقام الخارج البينة على الملك وأقام صاحب اليد البيّنة على أنه اشتراه من المدّعي لأنّ المدّعي إن كان أثبت أوليّة الملك فهذا تلقي منه فحصل من هذا أنّ بيّنة ذي اليد تترجّح على بيّنة الخارج في هذه الصور الثلاث التي ذكرناها (وإن أقام كلّ واحد منهما) أي: من الخارج وصاحب اليد (البينة على الشراء من الآخر) (٥) أي: قال الخارج اشتريت من ذي اليد هذا وقال ذو اليد اشتريت من الخارج هذا وذكر صورة هذه المسألة في بَابِ الشهادة في البيع والشراء من شهادات المَبْسُوط (٦) فقال دار في يدي رجل فأقام رجل البينة أنه اشتراها من ذي اليد وأقام ذو اليد البيّنة أنه اشتراها من المدّعي ولا يدري أي: ذلك أوّل فإنه يقضي بها لذي اليد وتبطل البينتان جميعًا لأنّ كل واحد منهما أثبت إقرار صاحبه بالملك له فكلّ مشتر مقراً بالملك لبائعه وكلّ بائع مقرّ بوقوع الملك للمشتري فيجعل هذا بمنزلة إقامة كل واحد منهما البينة على إقرار صاحبه بالملك له، وهاهنا تهاترت البينتان كما لو سمعنا الإقرار منهما معًا.

وذكر في الجامع أن هذا قول أَبِي حَنِيفَةَ وأبي يُوسُف.

وأمّا عند مُحَمَّد -رحمه الله- (٧) فيقضي بالبينتين جميعًا فيجعل كأنّ ذا اليد اشتراها أولاً وقبضها ثُمَّ باعها فيؤمر بتسليمها إلى الخارج؛ لأنّ القضاء بالعقدين ممكن بهذا الطريق ثُمَّ وضع هذه المسألة في الْكِتَابِ (٨).


(١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٧٢).
(٢) يُنْظَر: المرجع السابق.
(٣) هي الفصول العمادية؛ لعماد الدين المرغيناني. يُنْظَر: الفتاوى الهندية (٤/ ٧٨).
(٤) يُنْظَر: المقصود بالكتاب: مختصر القُدُورِي (١/ ٢١٥).
(٥) يُنْظَر: بداية المبتدي (١/ ١٦٩).
(٦) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٧/ ١٠٣).
(٧) يُنْظَر: المبسوط؛ للشيباني (٥/ ٢١).
(٨) المقصود بالكتاب: مختصر القُدُورِي (١/ ٢١٦).