للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا هاهنا لما أثبتوا البيع والقبض/ لكل واحد منهما كان بيعهما جائزا وليس أحدهما بأولى من الآخر في القبول فتساقطا للتعارض فتبقى العين على يد صاحب اليد كما كان لأنّ شهادة الفريقين لما تساقطت بالتعارض صار كأنهما لم يشهدا وهو معنى قوله: (لأنّ الجمع غير ممكن) (١) أي: لما لم يكن دلالة على سبق بيع أحدهما على الآخر لجواز بيع كل واحد منهما لوجود البيع بعد القبض لم يمكن العمل بشهادة الفريقين لتعارض شهادة كل واحد منهما بالآخر سقطت شهادتهما فكانت شهادتهما بمنزلة تعارض النصين بحيث لم يمكن الترجيح ولا الحمل على الحالتين يسقط العمل بهما فبعد ذلك كان العمل بما بعدهما من الحجة لما عرف وهاهنا أيضاً لما سقطت شهادتهما بالتعارض تبقي العين في يد صاحب اليد كما كان [فكان] (٢) المراد من الجمع المذكور في قوله: (؛ لأنّ الجمع غير ممكن) (٣) العمل به على وجه يندفع التعارض كما هو المعروف في حق النصين المتعارضين الأصل هو الجمع ثُمَّ الترجيح ثُمَّ التهاتر.

وحاصل قول مُحَمَّد -رحمه الله- ما ذكره في المَبْسُوط (٤) هو أنّ الشهود إذا لم يشهدوا بالقبض يجعل شراء ذي اليد سابق وبيعه متأخراً فيؤمر بتسليمه إلى الخارج، وإن شهدوا بالقبض يجعل شراء الخارج سابقاً وبيعه متأخراً؛ لأن قبضه منقض عيانًا وانقضاء قبضه دليل على سبق عقده وقيام قبض الآخر دليل تأخر عقده ولأنا لو جعلنا عقد ذي اليد سابقاً كان قبضه غصباً حراماً، ولو جعلنا عقده متأخراً كان يحق فلهذا أثبتنا التاريخ بين العقدين بهذه الصفة.

وأمّا عندهما فتهاتر الشهادتين في الصورتين جميعًا.

وذكر في الذَّخِيرَةِ (٥): فأمّا إذا شهدوا بالعقد والقبض، وإنما يجعل القبض المعاين آخر القبضين، لأنَّ الأصل أن القبض إذا ثبت عقيب عقد يحال به على ذلك [العقد] (٦)؛ لأنَّه ظهر سببه والحكم متى ثبت عقيب سبب فإنما يحال به على ما ظهر من السّبب لا على غيره.

(ولأنَّ) أي: الشراءين قدمناه في هذه الصورة يصح العقدان فيقدّم شراء الخارج حتّى لا يحتاج إلى نقض القبض المعاين بالشك (وإن وقّتت البينتان في العقار) (٧) قيد بالعقار ليظهر ثمرة الخلاف كما ذكر وحاصله ما ذكره في المَبْسُوط (٨) بقوله: فإن وقّت الشهود وقتين فهو على وجهين:


(١) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٧٣).
(٢) [ساقط] من (أ).
(٣) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٧٣).
(٤) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٧/ ١٠٣).
(٥) يُنْظَر: المحيط البرهاني (٩/ ٧٩١).
(٦) وفي (ب) (القبض).
(٧) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٣/ ١٧٣).
(٨) يُنْظَر: المبسوط؛ للسرخسي (١٧/ ١١٤).