للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والصحيح فيه أن يقال: المستحاضة هي من لايخل وقت الوضوء أو بعده في الوقت عن الحدث الذي ابتليت بدوامه وذلك لأنه يرد على قول الأول ما إذا رأت الدم في أول الوقت ثم انقطع فتوضأت ودام الانقطاع حتى خرج الوقت لا تنتقض طهارتها، ولو كان تفسير الاستحاضة ما قيل في الوجه الأول لا تنتقض طهارتها؛ لأن طهارة المستحاضة تنتقض بخروج الوقت.

ولا بد من العناية في التفسير الأول بأن يقال: المراد من وجود الحدث في وقت الصلاة هو أن يوجد في الوضوء في وقت الصلاة أو بعد الوضوء في وقت، يوضح هذا المعنى ما ذكره شمس الأئمة السرخسي -رحمه الله- في «الجامع الكبير» (١) وقال: إذا توضأت المستحاضة في وقت العصر والدم منقطع وصلّت ركعتين ثم دخل وقت المغرب ثم سال الدم فعليها أن تتوضأ وتبني على صلاتها؛ لأن انتقاض الطهارة كان بالحدث لا بخروج الوقت، ولم يوجد منها أداء شيء من الصلاة بعد الحدث فجاز لها أن تبني، وهذا لأن خروج الوقت عينه ليس بحدث ولكن الطهارة تنتقض عند خروج الوقت بسيلان مقارن للطهارة أو موجود بعده ولم يوجد فلا ينتقض بخروج الوقت.

ثم قال: وحاصل هذا الكلام أن الناقض لطهارة المستحاضة شيئان: سيلان الدم، وخروج الوقت.

ثم لو تجرد سيلان الدم عن خروج الوقت لم يكن ناقضًا، فكذلك إذا تجرد خروج/ ٢٩/ ب/ الوقت عن سيلان الدم؛ لأن الحكم المتعلق بعلة ذات وصفين ينعدم بانعدام أحد الوصفين، يقال: شيء سلس أي: سهل، ورجل سلس أي: لين منقاد بين السلس والسلاسة، قد سَلِسَ البول إذا كان لا يستمسكه (٢).

[والرعاف] (٣): الدم الذي يخرج من الأنف رقاء [الدم] (٤) سكن/ ٣٠/ أ/ أي: ودم [الجرح] (٥) الذي لا يسكن.

(وَالْمُسْتَحَاضَةُ وَمَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ وَالرُّعَافُ الدَّائِمُ وَالْجُرْحُ الَّذِي لا يَرْقَأُ يَتَوَضَّئُونَ لِوَقْتِ كُلِّ صَلاةٍ فَيُصَلُّونَ بِذَلِكَ الْوُضُوءِ فِي الْوَقْتِ مَا شَاءُوا مِنْ الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ)

-قوله -رحمه الله-: (ما شاءوا من الفرائض والنوافل) وهذا ليس بمحضر فيهما [بل] (٦) كما يصلّون الفرائض والنوافل، كذلك تصلّون النذور والواجبات أيضًا ما دام الوقت باقيًا عند الشافعي -رحمه الله- (٧) تتوضأ لكل صلاة مكتوبة.


(١) شرح الجامع الكبير -مخطوط- وذكر نحو هذا الكلام في المبسوط للشيباني (١/ ٣٤٢)، والمبسوط للسرخسي (٢/ ١٤٣).
(٢) الصحاح (٣/ ٩٣٨) مادة [سلس].
(٣) في (ب): بدن واو.
(٤) في (ب): «كدم» ..
(٥) في (ب): «الجروح».
(٦) ساقطة من (ب).
(٧) مذهب الشافعية: أن المستحاضة حكمها حكم سلس البول، فعليها أن تتوضأ لكل فريضة، ولها ما شاءت من النوافل بعد الفريضة، ويجب أن تكون طهارتها بعد الوقت على الصحيح. انظر: الوسيط في المذهب (١/ ٤١٦)، روضة الطالبين (١/ ١٣٧)، المجموع (٢/ ٥٣٥)، حلية العلماء (١/ ١٣٤). وانظر في مذهب الأحناف: مختصر الصحاوي ص (٢٢)، شرح فتح القدير (١/ ١٨٩)، البناية (١/ ٦٧٢ - ٦٨٢)، حاشية رد المحتار (١/ ٣٠٦).