للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قال شيخ الإمام (١): المراد بالصلاة المذكورة في الحديث الوقت؛ فإن الصلاة تذكر ويراد بها الوقت] (٢)، وذلك بالكتاب والسنة ومتعارف الناس:

-أما الكتاب فقوله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ} [مريم: ٥٩] أي: أوقات الصلاة.

-والسنة: ما روي عن النبي-عليه السلام- أنه قال: «جُعِلَت لي الأرض مَسْجدًا وطهُورًا، أينَمَا أدْركتْني الصَّلاة تيمّمْت وصَلّيْت» (٣). وأراد بذلك وقت الصلاة لا نفس الصلاة؛ لأن الصلاة فعله وفعله لا يسبقه ولا يتأخر عنه، وكذلك يقال في مبتذل الكلام: آتيك صلاة الظهر أي: وقت صلاة الظهر، فحملنا الصلاة المذكورة في الحديث على الوقت تحرزًا عن التعارض وتوفيقًا بين الحدثين، وإنما لم يعكس الحمل لما أن في هذا الحمل ترجيح المفسر على النص المحتمل وهو صحيح.

قوله: (ولأن الوقت أقيم مقام الأداء تيسيرًا) وقال شمس الأئمة [السرخسي -رحمه الله] (٤) في «الجامع الصغير» (٥): ثم في تقدير طهارتها بالصلاة بعض الجهالة والحرج؛ لأن الناس يتفاوتون في أداء الصلاة، فمنهم مطول بها ومنهم غير مطول فلم يمكن ضبطه فقدرنا طهارتها بالوقت دفعًا للحرج، ولأن المواقيت في الأصل مشروعة ليتمكن المكلف من أداء الصلاة فيها.

(وَإِذَا خَرَجَ الْوَقْتُ بَطَلَ وَضْؤُهُمْ وَاسْتَأْنَفُوا الْوُضُوءَ لِصَلاةٍ أُخْرَى)

-قوله -رحمه الله-: (وإذا خرج الوقت بطل وضوءهم واستأنفوا الوضوء لصلاة أخرى) فإن قلت: ما الفائدة في قوله: واستأنفوا الوضوء لصلاة أخرى إذ بطلان الوضوء مستلزم لاستئناف الوضوء لصلاة أخرى لا محالة.

قلت: قال شيخي -رحمه الله- (٦) في جوابه: جاز أن يبطل الوضوء لحق صلاة ولا يبطل لحق صلاة أخرى، ولا يجب عليهم الاستئناف في حق تلك الصلاة كما قال الشافعي -رحمه الله- (٧) ببطلان طهارة المستحاضة للمكتوبة بعد أداء المكتوبة وبقاء طهارتها للنوافل، وكذلك قوله في التيمم أيضًا وكما قال أصحابنا في حق المتيمم لصلاة الجنازة في المصر ببقاء تيممه في حق جنازة أخرى لو حضرت هناك على وجه لو اشتغل بالوضوء تفوته صلاة [الجنازة] (٨) وتبطل في حق غيرها.


(١) لعله أراد به شيخه الإمام محمد البخاري.
(٢) ساقطة من (ب).
(٣) سبق تخريجه في (ص ٣٢٠) هامش (١).
(٤) ساقطة من (أ) والتثبيت من (ب).
(٥) لعله (شرح الجامع الصغير) -مخطوط- كشف الظنون (١/ ٥٦٣، ٥٦٩).
(٦) لعله يقصد (المرغيناني) أو (محمد بن محمد بن نصر البخاري) -رحمهما الله- كشف الأسرار (٤/ ٤٣٤).
(٧) سبق بيان هذه المسألة في (ص ٤٤٤) هامش (٦).
(٨) ساقطة من (ب).