للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن يقول: يؤكل جميع صيد البحر دخل عليه أمر قبيح، فإنه لا تحديد من أن يقول: يؤكل الإنسان المائي، وهذا شنيع، فعرفنا أن المأكول من المائي سمك فقط.

وأما قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} (١)، فالمراد منه: ما يؤخذ من السمك طريًّا.

وقوله تعالى: {وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ} (٢): المالح المقدد منه.

فإن قلت: ما جوابنا عما تمسكوا بحديث أبي سعيد الخدري [رضي الله عنه] (٣) قال (٤): كنا أصحاب رسول الله -عليه السلام- في سفر، فأصابتنا مجاعة، فألقى البحر لنا دابة يقال لها: عنبرة، فأكلنا منها، وتزودنا فلما رجعنا إلى رسول الله -عليه السلام- سألناه عن ذلك، فقال: «هل بقي عندكم شيء فتطعموني» (٥).

قلت: الصحيح من الرواية: فألقى لنا البحر حوتًا يقال لها: عنبرة، وهو اسم للسمك.

والحجة لنا في المسألة.

قوله (٦) تعالى: {أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} (٧).

وقوله: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} (٨) ولم يفصل بين البري منه والبحري. كذا في «المبسوط» (٩).

الطافي (١٠): اسم فاعل من طفا الشيء فوق الماء يطفو [طفوًا]: إذا علا.

والمراد من السمك الطافي: هو الذي يموت في الماء حتف أنفه من غير سبب معلوم [لنا] (١١)، فيعلو ويظهر الجرِّيث الجري، وهو ضرب من السمك، والمارماهيج أيضًا نوع من السمك وهو غير الجرِّيث. كذا في «المغرب» (١٢)، وكان ما ذكر في الكتاب، والمارما هي بتشديد الراء مُصَرَّف منه. والحجة عليه ما روينا وهو ما ذكر من قوله -عليه السلام-: «أحلت لنا ميتتان ودمان» (١٣) إلى آخره.


(١) سورة المائدة، من الآية: ٩٦.
(٢) سورة المائدة، من الآية: ٩٦.
(٣) زيادة من: (ع).
(٤) في (ع): «قالوا».
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه: ٥/ ١٦٧، كتاب المغازي، باب غزوة سيف البحر، وهم يتلقون عيرًا لقريش، وأميرهم أبو عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه-، رقم الحديث: ٤٣٦٢. وأخرجه مسلم في صحيحه: ٣/ ١٥٣٥، كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، باب إباحة ميتات البحر، رقم الحديث: ١٩٣٥.
(٦) في (ع): «وقوله».
(٧) سورة الأنعام، من الآية: ١٤٥.
(٨) سورة المائدة، من الآية: ٣، سورة النحل، من الآية: ١١٥.
(٩) ينظر: المبسوط: ١١/ ٢٤٨.
(١٠) ينظر: المغرب: ص ٢٩٢.
(١١) ساقطة من: (ع).
(١٢) ينظر: المغرب: ص ٢٩٢.
(١٣) صحيح، أخرجه ابن ماجه في سننه: ٢/ ١١٠٢، كتاب الأطعمة، باب الكبد والطحال، رقم الحديث: ٣٣١٤. وأخرجه البيهقي في «السنن الكبرى»: ١/ ٣٨٤، كتاب جماع أبواب ما يفسد الماء، باب الحوت يموت في الماء والجراد، رقم الحديث: ١١٩٦. وقال الألباني: صحيح. ينظر: إرواء الغليل: ٨/ ١٦٤.