للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والجواب: لم يتنبّه حين صححه أنّه من حججِ أَنصارِ السّنةِ هنا الذين لقّبهم -بغيًا وحسدًا وعدوانًا- بـ (الأَلبانييّن) ، وإِلاّ لاختلقَ له علّةً كما فعلَ في "المناقشةِ"، ولأَوردَه في "ضعيفتِه" الّتي ذيّلَ بها "رياضَه"، أَو اكتفى بحذفِه كما فعلَ ببعضِ الأَحاديثِ الصحيحةِ لتعارضِها مع هواه حين لا يجدُ له علّةَ يمكنُ أَن يتظاهرَ بها، والأَمثلةُ كثيرةٌ، وحسبُنا الآنَ مثالٌ واحدٌ يناسبُ المقامَ:

أَوردَ النوويُّ رحمه الله (رقم ١٠٩٤) حديثَ أَنسٍ مرفوعًا: "أَقيموا صفوفَكم وتراصّوا.." الحديث، وقال:

"رواه البخاريُّ بلفظه (١) ، ومسلمٌ بمعناه، وفي رواية للبخاريِّ: وكانَ أَحدُنا يلزقُ منكبَه بمنكبِ صاحبِه، وقدمَه بقدمِه".

فحذفَ (المضعّفُ) من "رياضِه" (رقم ٨٣٧) روايةَ البخاريّ هذه لضعفِها عنده كما نصَّ على ذلك في "المقدمة" (ص ١٥) لا لضعفٍ في سندِها، وإلاّ لما أَبقى الروايةَ الأُولى، وإنّما لأنّها تؤيّدُ من حيث المعنى ما ضعفَه من الأحاديثِ الثلاثةِ كما هو ظاهرٌ، لأنّ اللزقَ المذكورَ فيها لا يمكنُ تحقيقُه مع تفريقِ الساريةِ بين المرءِ وأَخيه!

وهذا السنّةُ لا يحافظُ عليها إلاّ أَنصارُ الحديثِ والسنّةِ في كلِّ بلادِ الدنيا، ولا أَظنُّ المذكورَ يشاركُهم في العملِ بها، ويلزقُ قدمَه بقدمِ صاحبِه إِذا صلّى مع الجماعةِ، كيفَ وهو يحاربُها ويؤلفُ رسالةً للرَّدِّ على المتمسكين بها، ويتهمهم فيها (ص ١٣) بأنّهم "خرجوا من تقليدِ الأَئمة إِلى تقليد من لا يذكرُ أَمامَهم"؟! فأَقولُ: نعم، إِنّي أَرى أَن لا أُذكرَ معهم، للفرقِ الشاسعِ بيني وبينهم،


(١) عزاه (المضعف) إِلى (خ ٧١٨) ، وهو خطأ، فإنّه فيه مختصرٌ، وليس فيه "تراصّوا"، وإنّما هو (٧١٩) ، فأخشى أَن كونَ هذا اللفظُ عندَه غيرَ صحيح أيضًا؛ لأنّه في المعنى مثلُ الروايةِ الأُخرى الّتي حذفها مضعفًا! أَسالُ اللهَ أَن يلهمَه العملَ بما يحملُنا على حسنِ الظنِّ به!

<<  <  ج: ص:  >  >>