للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكونه هجا المعتمِد وآباءه، بقوله:

مما يُقَبِّحُ عندي ذِكْر أندلُس ... سماعُ معتمد فيها ومُعْتَضِد

أسماءُ [١] مملكةٍ في غير موضعها ... كالهرّ يَحكي [٢] انتفاخًا صَوْلَةَ الأسدِ

[٣] وقيل: قتله في سنة تسع وسبعين [٤] .


[ () ] لخروجه مجلسا من أحسن مجالس دوري يقيم فيه ريثما تخلى له دوره، إذا رسول المعتمد يستدعيني، فما شككت في تمام ما كنت أريده لابن عمّار، فلما وصلت فصيل العصر، إذا هو متشحط في دمائه، ممرغ في ثيابه، طريح في قيده. فقال لي الفتيان: يقول لك السلطان:
هذا صديقك الّذي كنت أعددت له، سير به وأنزله، فأمرت من حضرني من الحرس بسحبه في أسماله، طورا على وجهه وتارة على قذاله، إلى أساس جدار قريب من سواقي القصر، فطرح في حوض محتفر للجيار، وهدم عليه شفيره. (الحلة السيراء ٢/ ١٥٩، ١٦٠) .
[١] في ديوان ابن رشيق ٦٠: «ألقاب» .
[٢] في الأصل: «تحكي» ، والتصحيح من الديوان، ووفيات الأعيان، وغيره.
[٣] البيتان لابن رشيق القيرواني في ديوانه ٥٩، ٦٠، وقد نسبهما المؤلف الذهبي- رحمه الله- لابن عمار، هنا وفي سير أعلام النبلاء ١٨/ ٥٨٣ متابعة لابن خلكان الّذي ذكرهما في (وفيات الأعيان ٤/ ٤٢٨) ولم ينسبهما غيرهما ممّن ترجم لابن عمّار إلّا لابن رشيق.
[٤] قيل: قتله سنة ٤٧٧ هـ. وقيل ٤٧٩ هـ. ويقال ٤٧٨ هـ.
وقيل في قتله إن من أقوى الأسباب لذلك أن ابن عمّار هجا المعتمد بشعر ذكر فيه أمّ بنيه المعروفة بالرميكية. واشتهر من ذلك قوله من القصيدة الطائرة:
ألا حيّ بالغرب حيا حلالا ... أناخوا جمالا وحازوا جمالا
ومنها:
تخيرتها من بنات الهجان ... رميكية لا تساوي عقالا
فجاءت بكل قصير الذراع ... لئيم النجارين عمّا وخالا
ومنها:
فيا عامر الخيل يا زيدها ... منعت القرى وأبحت العيالا
وأفحش غاية الفحش، ولم يفكر في العواقب. ثم إنه خرج من مرسية لإصلاح بعض الحصون، فثار عليه في مرسية ابن رشيق فأغلق أبوابها في وجهه، فعدل إلى المؤتمن بن هود، ورغبه في أن يوجه معه جيشا ليأخذ له شقورة من يد عتاد الدولة، فخدعه عتاد الدولة حتى حصل في سجنه، وبعث فيه ابن صمادح مالا لعداوته له، وكذلك ابن عبّاد، فقال ابن عمار:
أصبحت في السوق ينادى على ... رأسي بأنواع من المال
تاللَّه لا جار على ماله ... من ضمني بالثمن الغالي
وآل أمره إلى أن باعه من ابن عباد، فجاء به ابنه الراضي إلى إشبيلية على أسوأ حال، وسجنه ابن عباد في بيت في قصره. ولم يزل يستعطفه وهو لا يتعطف له، إلى أن كان ليلة يشرب، فذكرته الرميكية به، وأنشدته هجاءه فيه، وقالت له: قد شاع أنك تعفو عنه، وكيف يكون ذلك بعد ما نازعك ملكك، ونال من عرض حرمك، وهذان لا تحتملهما الملوك. فثار عند ذلك، وقصد البيت الّذي هو فيه، فهش إليه ابن عمّار، فضربه بطبرزين شق به رأسه، ورجع إلى