للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على أَساس؛ لأنه ربهم، والرُّبوبية هنا تَشمَل الربوبية القدَرية والرُّبوبية الشَّرْعية؛ لأن الله تعالى ربٌّ مالِكٌ للكون قدَرًا، ومالِكٌ للحُكْم شَرْعًا، فهُمْ يَتَّقون ربهم؛ لأنه الذي خلَقَهم، ورَزَقهم، وأَعَدَّهم، وأَمَدَّهم، يَعبُدون ربهم؛ لأنه الحاكِم فيهم، وهو الذي يَأمُرهم ويَنهاهُم، فتقومون بأَمْره ويَدَعون نَهيَه.

مَسأَلة: هناك بعض الناس عندما يُؤدِّي عِبادة من العِبادات يَتَّخِذها عادةً ليس كأَمْر من الله تعالى، فهل يُؤجَر على فِعْل هذا؟

الجَوابُ: أنه على كل حال تَبرَأ الذِّمَّة بذلك، لكنه لم يَصِل إلى درَجة الكَمال؛ ولهذا نحن نَقول دائِمًا: يَنبَغي للإنسان عند فِعْل العِبادة أن تَكون له ثلاثُ نوايا: نِيَّة العمَل، ونِيَّة المَعمول له، ونِيَّة المُتابَعة.

فنِيَّة العمَل هي أن الرجُل يَنوِي عند الظُّهر صلاة الظُّهر، ونِيَّة المَعمول له أنه يُريد بذلك التَّقرُّب لله عَزَّ وَجَلَّ، وهذا كثيرًا ما يَغفُل الإنسان عنه، ويَصُدُّه الشيطان عن ذلك.

ونِيَّة المُتابَعة للرسول - صلى الله عليه وسلم -، فكُلُّ هذه المَعاني - نَسأَل الله تعالى أن يَعفوَ عنَّا - تَغيب عنَّا كثيرًا؛ لأنك إذا نوَيْت أو إذا شعَرْت بهذه النِّيةِ أَحبَبْت الله عَزَّ وَجَلَّ، وأَحبَبْت الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وشعَرْت بأنك عبد لله مُتَّبع للرسول - صلى الله عليه وسلم -، وتَجِد للعِبادة طَعمًا لا تَجِده إذا أَتَيْت بها على سَبيل العادة.

ولهذا نَقول: عادات المُوظَّف عِبادات، وعِبادات الغافِل عادات.

وقوله تعالى: {لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ} غُرَف جمع غُرْفة، والغُرْفة هي البِناء العالي؛ لأن البِناء العاليَ إذا كان في الأسفَل يُسمَّى: حُجْرة، وإذا كان فوقُ

<<  <   >  >>