للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القِراءة عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فإنها تُقرَأ في الصلاة وإن لم تَكُن من القِراءات السَّبْع.

وقال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ في تفسير (تَقْنِطُوا): [تَيْأَسوا] والصحيح: أن هذا التَّفسيرَ تقريب؛ لأن القُنوط أشَدُّ اليَأْس، فهو أعلى درَجات اليَأْس فمَعنَى (تَقْنِطُوا) أي: يَبلُغ بكم اليَأْس أَشدَّه.

وقوله تعالى: {مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} يَعنِي: من أن يَرحَمكم الله عَزَّ وَجَلَّ؛ لأن الإنسان إذا قنَط من رحمة الله تعالى وأَيِس لم يَتَعرَّض للرحمة؛ لأنه آيِسٌ؛ ولهذا يُقال: اليَأْس مِفتاح التَّرْك. وأَضرِب لكم مثَلًا: حاوِلْ أن تَحُلَّ عُقدةً من خَيْط، فإذا أَعْيَتْك فإنك تَترُكها، وإذا أَيِسْت منها ترَكْتها, لكن بالنسبة لرحمة الله تعالى لا تَيْأَس مهما عمِلت من الذُّنوب والمَعاصِي فلا تَيْأَس.

وهنا نهيٌ وتَعليل: النهيُ في قوله تعالى: {لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ}، والتَّعليل في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا}.

قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} لمَن تابَ من الشِّرْك {إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} قوله تعالى: {يَغْفِرُ} مَأخوذٌ من المَغفِرة، وهي: سَتْر الذَّنْب والتَّجاوُز عنه، وليسَتْ مُجرَّد السَّتْر؛ لأنها مَأخوذة من المِغفَر، وهو ما يُوضَع على الرأس عند الجِهاد للوِقاية، فهو جامِعٌ لأَمْرين: السَّتْر والوِقاية؛ فمثَلًا: الغُتْرة هذه لا نُسمِّيها مِغْفَرًا، وأيضًا الطاقية؛ لأنها مع أنها ساتِرة، لكنها ليسَتْ واقِيةً، لكن بَيْضة الحديد التي تُوضَع على الرأس عند القِتال نُسمِّيها: مِغفَرًا؛ لأنها ساتِرةٌ واقِية، فمَغفِرة الذُّنوب سَتْرها والتَّجاوُز عنها، فأنت إذا قلتَ: (اللهُمَّ اغفِرْ لي) تَسأَل الله تعالى شَيْئين: أن يَستُر ذُنوبك عن غيرك، والثانية أن يَتَجاوَز الله تعالى عنها.

<<  <   >  >>