للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبُ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا" (١)، "يَأْكُلُ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدُهُ عَلَيْهَا وقوله: (الأَكْلَة) هل المراد الوَجْبة من الطَّعام أو المراد كُلُّ لُقْمة؟

الجواب: هناك مَن يَرى أنَّ المراد الوَجْبة، وهناك مَن يَرى أنَّ المراد اللُّقمة، وكان الإمام أحمد رَحِمَهُ اللهُ يأكل، وكلما أكل لقمة حَمِدَ الله، فقيل له في ذلك، فقال: "أَكْلٌ وحَمْدٌ خيرٌ من أكلٍ وصَمْتٍ" (٢)؛ لأنَّ لفظ الحديث: "يَأْكُلُ الْأَكْلَةَ" مُحتملٌ لأنْ يكون المراد به اللُّقمة أو الوجبة من الطعام، وكذلك يقال في الشرب، والإنسان ينبغي له في الشرب أن يشرب بثلاثة أنفاسٍ، في كل نَفَس يَحمَد الله عليه، إذا قلنا: المراد بالشَّرْبة النَّفَس.

الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: أنَّ الله يرضى الشُكْر لعباده، وإذا رَضِيَ الله عن العبد، كان ذلك سببًا في إرضاء العَبْد، ودليل ذلك قوله تعالى: {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [المائدة: ١١٩] فيرضى الله عليهم بعبادتهم إيَّاه، ويرضون عنه بما أثابهم، نسأل الله عَزَّ وَجَلَّ أن يَجْعَلني وإيَّاكم منهم؛ أنَّ الإنسان يَرضى عن ربِّه، ويرضى الله عنه، قال تعالى: {وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ}.

الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: أنه لا تَحْمِل نَفْسٌ إثْمَ نفسٍ أخرى، حتى وإن ضَمِنَت النفس الأخرى ذلك الذَّنب؛ فمثلًا: لو قال شخص لآخر: افعل كذا من الذُّنوب والإثْمُ عليَّ، فيقول: أنا ضامِنٌ، فهل يصح؟ لا؛ أرأيتم لو ضَمِن دَينًا على شَخْص، فهل يصح؟ يَصِحُّ، وهو يُحمِّلُ نفسه بهذا الضَّمان، يُحَمِّل نفسه دينًا؛ فإذا كان كذلك، لماذا لا يَصِح أن يَضْمَنَ إثْمَ مَن فَعل الإثْم؟


(١) أخرجه مسلم: كتاب الذكر والدعاء، باب استحباب حمد الله تعالى بعد الأكل والشرب، رقم (٢٧٣٤)، من حديث أنس - رضي الله عنه -.
(٢) انظر: مناقب الإمام أحمد (ص ٣٤٠)، والفروع (٨/ ٣٦٤).

<<  <   >  >>