للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأمّا حديث عائشة -رضي الله عنها- فضعيف جدًا لأنّه إذا كان متلوًا بعد رسول الله -عليه السلام- ونسخ التلاوة بعد رسول الله -عليه السلام- لا يجوز فلماذا لايتلى الآن.

وذكر في الحديث دخل داجن البيت فأكله وهو يقوي قول الروافض فإنّهم يقولون كثير من القرآن ذهب بعد رسول الله -عليه السلام- ولم يثبته الصّحابة في المصحف وهو قول باطل بالإجماع ثمّ لو ثبت هذا الحديث إنّما كان ثبوته في الوقت الذي كان إرضاع الكبير مشروعًا لما أنّ إنبات اللّحم وإنشاز العظم في حق الكبير لا يحصل بالرّضعة الواحدة، فكان العدد فيه مشروعًا ثم انتسخ بانتساخ حكم إرضاع الكبير كذا في الْمَبْسُوطِ (١) «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» (٢) فالنبي -عليه السلام- شبه هذه الحرمة بحرمة النّسب وتلك الحرمة لم تعلق بتكرّر السّبب وهو الوطئ بل يثبت بنفس الوطئ والنكاح فدّل السّببية على أن لا عبرة لتكرار المصّة كذا في مبسوط فخر الإسلام.

قوله: -رحمه الله- وإن كانت لِشُبْهَةِ الْبَعْضِيَّةِ (٣) جواب سؤال مقدّر بأن يقال ينبغي أن لا يثبت الرّضاع بالقليل لما أن تحريم الرضاع انما كان لإنشازه العظم وإنباته اللّحم [كما جاء في الحديث. وفي القليل لا يثبت ذلك فلا يوجب الحرمة فأجاب عنه بقوله لكنّه أمر باطن أي إنشاء العظم وإنبات اللحم] (٤) فكذلك تعلق الحكم بفعل الإرضاع كما في السّفر والنّوم والإنشاز بالزّاي المهملة الإحياء وفي التنزيل قوله تعالى: {ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ} (٥) ومنه «لَا رَضَاعَ إلَّا مَا أَنْشَرَ الْعَظْمَ وَأَنْبَتَ اللَّحْمَ» (٦) أي قواه وشده كان أحياه.

ويروى بالزّاء كذا في المغرب (٧).

وقال زفر -رحمه الله- ثلاثة أحوال أي ثلاث سنين لأنّ الحول [حسن] (٨) للتّحول أي الحول صالح للتحول من حال إلى حال كما في أجل العنين وهذا لأنّ الطّباع أربع من الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة فلا تتبدّل العادة بالفصال إلابسنّة فكان الحول صالحًا للزّيادة على الحولين فقدرت الزّيادة به أي بالحول وهذا معنى ما قال في الكتاب إلى هذا أشار في الأسرار.


(١) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ١٣٤).
(٢) سبق تخريجه.
(٣) يُنْظَر: الهداية شرح البداية (٢/ ٥٢٣).
(٤) ساقط من (ب).
(٥) سورة عبس من الآية: ٢٢.
(٦) سبق تخريجه (ص ٣٠٦).
(٧) يُنْظَر: المغرب (١/ ٤٦٤).
(٨) زيادة من (ب).