للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ألا ترى أن الكبير لا يسمّى رضيعًا وإن شرب اللّبن ولما لم يكن هو رضيعًا لم تكن المرأة مرضعة واسم الرّضيع بمنزلة اسم الصبي يزول بالكبر [وإن كان الكبير] (١) قد يتصابى وروي أن أبا موسى الأشعري -رضي الله عنه- سئل عن رضاع الكبير فأوجب الحرمة ثم أتوا عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- فسألوه عن ذلك فقال: أترون هذا الأشمط رضيعًا فيكم، فلما بلغ أبا موسى حلف أن لا يفتي مادام عبد الله فيهم، وفي رواية: فقال أبو موسى: «لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ مَادَامَ هَذَا الْحَبْرُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ» (٢).

وهذا كاسم المأكول لا يطلق على ما لا يتغدى به وإن أكل بل يقال فلان أكل غير مأكول ويطلق على المأكول وإن لم يؤكل لأنّه صالح للتغدي فكذلك اسم الرّضيع للصّغير الذي تربيه باللّبن لضعفه وإن ربي بشيء آخر كذا في الْمَبْسُوطِ (٣) والأسرار ولا يعتبر الفطام قبل المدّة يعني إذا فطم الصبي قبل أن يمضي الحولان ثم يسقى بعد ذلك لبن امرأة قبل أن يمضي الحولان فهو رضاع بالإجماع في ظاهر الرّواية.

وكذلك لو فطم قبل أن يمضي حولان ونصف على قول أَبِي حَنِيفَةَ -رحمه الله- ثم أرضع في تلك المدّة فهو رضاع أيضاً على قوله في ظاهر الرواية.

وروى الحسن عن أَبِي حَنِيفَةَ -رحمهما الله- قال هذا إذا لم يتعود الصّبي الطّعام حتّى لا يكتفي به بعد هذا الطّعام.

وأمّا إذا صار بحيث يكتفي بالطّعام لا تثبت الحرمة برضاعه؛ لأنّه بعدما صار بحيث يكتفى بالطّعام فاللّبن بعده لايغذيه، فلا يحصل به معنى البعضية كذا في الْمَبْسُوطِ (٤) قيل لا يباح وفي طريقة أبي اليسرلا يباح شربه للطّفل إذا استغنى.

فإن قيل: يجوز للدّواء قلنا بعض علمائنا لم يجوّزوا بعضهم جوّزوا إذا علم أنّه يزول به الرمد كذا ذكره الإمام التمرتاشي-رحمه الله- للحديث الذي روينا وهو قوله -عليه السلام-: «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» (٥) قوله من الرّضاعة في قوله إلا أم أخته من الرضاعة جاز أن يتعلّق بالأم [وجاز أن يتعلّق بالأخت] (٦) وجاز أن يتعلّق بهما أما صورة تعلقه بالأم فهو أن يكون لرجل أخت من النّسب ولها أمّ من الرضاعة فإنّه يجوز له أن يتزوّج أم أخته التي كانت أمّها من الرضاعة فأمّا صورة تعلّقه بالأخت فبان يكون له أخت من الرّضاعة ولها أمّ من النّسب فإنّه يجوز أن يتزوّج أمّ أخته التي كانت أمّها من النّسب.


(١) ساقط من (ب).
(٢) رواه مالك في الموطأ (٢/ ٦٠٧)، عبدالرزاق في مصنفه (٧/ ٤٦٣)، البيهقي (٧/ ٧٥٩)، وصححه الألباني في الإرواء عند رقم (١٦٨٣) (٦/ ١٢٨).
(٣) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ١٣٦).
(٤) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ١٣٧).
(٥) سبق تخريجه (ص ٧٥).
(٦) ساقط من (ب).