للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: يشكل هذا برجل تزوّج امرأة ولم يدخل بها حتّى جاء رجل وقتلها يقضى على الزّوج بالمهر ولا يرجع على القاتل شيء مع أنّ القتل محظور.

قلنا: القصاص وجب على القاتل إن كان القتل عمدًا والقصاص أحد موجبي القتل وإن كان القتل خطأ وجبت الدّية وأنها أحد موجبيّته أيضاً فلا يستوجب شيئاً آخر بسبب قتل واحد وللزّوج نصيب مما هو الواجب فلا يتضاعف حقّه بالتّضمين وأمّا الزّوج فيما نحن بصدده ولا نصيب له من شيء فيضمن من أتلف عليه نصف الصّداق كذا في الفوائد الظهيريّة (١).

وذكر في الأسرار في جواب سؤال الردّة فقال لا يمكن إضافة الفرقة إلى ردة أبويها فإن ردتها في الجملة تنفصل عن ردتهما ولا تبين هي بردتهما وإنّما تبين بردة نفسها فكانت الفرقة لمعنى فيها.

ثم قال في الأسرار هذه مسألة مشكلة ويرجع به الزّوج على الكبيرة إن كانت تعمّدت افساد لأنّ نصف المهر كان على عرضية السقوط بأن قبلت ابن زوجها بعدما صارت مشتهاة وقد أكدته بالإرضاع فتضمن [نصف] (٢) المهر كما في شهود الطّلاق وكما لو زنى بامرأة ابنه قبل الدّخول بها تقع الفرقة بينهما ويقضى على الاب بنصف الصّداق ويرجع به على ابنه.

فإن قيل: يشكل هذا برجل تحته صغيرتان رضيعتان فجاءت امرأتان لهما لبن من رجل فأرضعت كلّ واحدة منهما حرمتا على الزّوج ولم يغرما شيئاً فإن تعمدتا الفساد قيل له في الفرق بينهما أن فعل الكبيرة هنا يستقل بالإفساد.

فيضاف إليه الفساد وأمّا فعل كلّ واحدة منهما على الانفراد هناك لا يستقل بالإفساد فلا تضاف الفرقة إلى كلّ واحدة من المرأتين يوضحه أنّ الفساد هناك باعتبار الجمع بين الأختين لأنّهما لما ارتضعتا منهما صارتا أختين لأب فالأختيّة قائمة بهما فلا تعدو إلى المرأتين فلا يعتبر بعدتهما وههنا الفساد باعتبار الجمع بين الأم والبنت فالأميّة قائمة بالمرضعة فيعتبر بعدتها لأنها مخاطبة على ما ذكرنا إلى هذا أشار في الْمَبْسُوطِ (٣)، والفوائد الظهيريّة، ولكن ذكر الإمام المحبوبي-رحمه الله- في مسألة وطئ الابن أمرأة أبيه أنّ الأب لا يرجع على الابن وإن قال الابن تعمدت فساد النكاح لما أنّه وجب عليه حدّ الزّنا ولا يغرم شيئاً، وأما لو قتل الابن امرأة أبيه وقال تعمدت فساد النكاح يرجع الأب بما وجب عليه من نصف الصّداق على الابن لأنّه آكد ما كان على شرف السقوط تعديا فيرجع عليه وعن مُحَمَّد -رحمه الله- أنّه يرجع في الوجهين أي فيما إذا تعمدّت الفساد [ولم يتعمّد] (٤) لأنّ من أصله أنّ السبب كالمباشر ولهذا جعل فتح باب القفص والاصطبل [في حلّ قيد الابن] (٥) موجباً للضّمان وفي المباشرة المتعدى وغير المتعدى سواء فكذلك في التسبيب على قوله وعلى قول الشّافعي -رحمه الله- (٦) يرجع عليها بمهر مثل المنكوحة لأنّها أتلفت ملك نكاحه فيها وملك النكاح عنده مضمون بالإتلاف حتّى قال في شاهدي الطّلاق [قبل] (٧) الدّخول إذا رجعا ضمنا [نصف المهر] (٨) كذا في الْمَبْسُوطِ (٩) أمّا لأنّ الإرضاع ليس بإفساد للنكاح وضعاً لأنّ وضعه لتربية الصّغير لا لإفساد النكاح ثم لمّا لم يكن الإرضاع سببا للفساد وضعًا كانت المرضعة مسبّبة لا مباشرة فتقيّد الضّمان بقصد الإفساد والتّعدي فيضمن عند التعدي ولا يضمن عند عدمه كحافر البئر في ملك نفسه لا يضمن ما تلف به.


(١) يُنْظَر: المحيط البرهاني (١١/ ٣).
(٢) زيادة من (ب).
(٣) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٦/ ٦٩).
(٤) ساقط من (ب).
(٥) وفي (ب): (وكل قيد الآبق).
(٦) يُنْظَر: روضة الطالبين (٧/ ١١٤).
(٧) وفي (ب): (بعد).
(٨) وفي (ب): (مهر المثل).
(٩) يُنْظَر: الْمَبْسُوطِ (٥/ ١٤٢).