للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بخلاف الحافر في ملك الغير وإنّما يثبت ذلك باتفاق الحال أي إنّما ثبت الفساد هنا [الارضاع] (١) لتأدية الإرضاع إلى اجتماع الأم والبنت في ملك رجل واحد نكاحاً لأنّ الإرضاع سبب موضوع للإفساد ولأنّ إفساد النكاح ليس بسبب لإلزام المهر لأنّه غير مضمون بالإتلاف لما أن ملك النكاح ليس بمتقوّم في نفسه لأنّه ليس بملك عين فلا منفعة إنّما هو ملك ضروري لا يظهر إلا في حق الاستيفاء.

ألا ترى أنّه لا يظهر في حق الانتقال إلى الورثة ولا في حق النّقل إلى الغير فكذلك في حق التقوم بالمال فلذلك لم ينهض موجباً للضّمان عند الإتلاف ثم قوله إلا أن نصف المهر يجب بطريق المتعة جواب سؤال يرد على قوله لأنّ إفساد النكاح ليس بسبب لإلزام المهر بأن يقال قلت: إن إفساد النكاح ليس بسبب لإلزام المهر فلا يكون ملزمًا على الزوج شيئاً فقد انتقض قولك بوجوب نصف المهر عند الإفساد فعلم بهذا أنّ الإفساد ملزم شيئاً على الزّوج.

فأجاب عنه بهذا وتفسير الجواب هو أنّ وجوب نصف المهر بطريق المتعة والمتعة تجب ابتداء بالنص بقوله: {وَمَتِّعُوهُنَّ} (٢) لا بمقتضى العقد فإنّ العقد قد انفسخ قبل الاستيفاء فصار كهلاك المبيع قبل القبض وهو لا يوجب على المشتري شيئاً فكذلك ههنا ولو علمت بالنكاح ولم تعلم بالفساد لا تكون متعدية ايضاً كما لو أرضعتها ولم تعلم بالنكاح ومنهم من يقول هي ضامنة بكل حال لأنّها جهلت بحكم الشّرع فلا تعذر ألا ترى أنّها لو قبّلت ابن زوجها عن شهوة وهي لا تعلم بفساد النكاح محرم على زوجها ولا تعذر بجهلها كذا ذكره الإمام المحبوبي -رحمه الله- وهذا بناء على اعتبار الجهل لدفع قصد الفساد لا لدفع الحكم وهذا جواب سؤال مقدر يرد على جواب المسألة وهو أن يقال الجهل بحكم الشّرع في دار الإسلام ليس بعذر فكيف جعل جهل المرأة بفساد النكاح عذراً لها في حق عدم وجوب الضّمان فأجاب عنه بهذا وتفسير الجواب هو أنا لم نعتبر الجهل لدفع حكم الشّرع هو وجوب الضّمان.

وإنّما اعتبرناه لدفع قصد الفساد الذي به يصير الفعل تعدّياً أي يعلم قصدها الفساد أنّها متعدّية وبعدم قصدها الفساد يعلم أنّها غير متعدية فكان عدم التعدّي مبنيًّا على عدم قصد الفساد [وعدم قصد الفساد] (٣) مبنياً على الجهل بالفساد فعدم الضّمان هنا كان لعدم علة الضّمان التي هي التّعدي وهذا معنى ما قاله الإمام الكشّاني (٤) -رحمه الله- في الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (٥) بقوله فإنّها إذا لم تعلم الفساد لم تقصد وإذا لم تقصد لا تصير العلّة موجودة مع الجهل فكان هذا عدم الحكم لعدم العلة لا عدم الحكم مع وجود العلّة لعذر الجهل فحصل من هذا أنّها ضمنت في وجه واحد ولم تضمن في ثلاثة أوجه كلّها مذكورة في الكتاب وهي ظاهرة.


(١) زيادة من (ب).
(٢) سورة البقرة من الآية: ٢٣٦.
(٣) ساقط من (ب).
(٤) مسعود بْن الحسين أبو المعالي الكُشَانيَ السَّمَرْقَنْديّ، نقله الخاقان مِن بُخارى إلى سَمَرْقَنْد للتّدريس بالمدرسة الخاقانيَّة وولّاه خَطَابة سَمَرْقَنْد، فبقي عَلَى ذَلِكَ مدَّة، وتُوُفّي في ربيع الأوّل سنة ٥٢٠ هـ. يُنْظَر: تاريخ الاسلام (١١/ ٣٢٧).
(٥) يُنْظَر: الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (١/ ١٧٧).