للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ومن قال إن بعت لك هذا الثّوب فامرأته طالق فدس (١) المحلوف عليه ثوبه في ثياب الحالف)، أي إذا أخفى المحلوف عليه ثوب نفسه في ثياب الحالف (فباعه الحالف ولم يعلم به لم يحنث)، بخلاف ما إذا قال إن بعت ثوباً لك والمسألة بحالها حيث يحنث.

اعلم أن معنى قوله إن بعتُ لك هذا الثّوب بالفارسية اكرفر وشم اذ تواين جامه راو معنى قوله إن بعت ثوباً لك اكرفرو شم جامه راكه ملك تست ثم الفرق بين المسألتين بالحنث وعدمه وكذلك اختلاف المعنى إنما نشاء (٢) من موضع اللام وذلك أنّ اللام للاختصاص في الصورتين، لكن لما دخلَ اللامُ على البيع أي قُرِنَ به وذُكِرَ بَعدهُ اقتضى اختصاصَ البيع بالمحلوف عليه، فاختصاص البيع بالمحلوف عليه من الحالف؛ إنّما يكون أَنْ لو كان ذلك البيعُ مَفعُولاً من جانب الحالف لأجل المحلوف عليه وفعل البيع لأجله؛ إنّما يكون أن لو كان قاصدًا لفعل البيع لأجله؛ وذلك إنّما يكون بالعلم، فلما أخفى ثوب المحلوف عليه في ثياب الحالفِ فباعه الحالف ولم يعلمه لم يكن البيع لأجل المحلوف عليه فلا يحنث، وأمّا إذا باعه لأجله وهو أن يبيعه بأمره فيحنث سواء كان المبيع ملكًا للمحلوف عليه أو لغيره وهذا الذي ذكرته في الفعل الذي يجري فيه النيابة كالبيع.

وأمّا إذا كان فعلاً لا يجري فيه النّيابة كالأكل يقتضي اختصاص العين الذي هو محل ذلك الفعل بالمحلوف عليه، فيحنث الحالف فيه بفعله إذا كان كذلك العين مِلكًا له سواء أدخل اللام على الفعل أو على العين وهو معنى قوله: فلا يفترق الحكم فيه في الوجهين ولما دخل اللام على العين أي قرن بذلك العين، وذكر بعده وهي المسألة الثّانية اقتضى اختصاصه ذلك العين بالمحلوف عليه واختصاصه بالمحلوف عليه إنّما يكون أن لو كان ذلك العين مُلكًا للمحلوف عليه، فكان شرط الحنث حينئذ بيع ثوب مملوك للمحلوف عليه، ولا يتوقّف حنثه إلى علمه وأمر المحلوف عليه فيحنث ببيعه سواء علم أن ذلك الثّوب الذي باعه ملك المحلوف عليه أو لم يعلم؛ لأن من فعل المحلوف عليه ناسياً يحنث في يمينه.

وذكر الإمام قاضي خان -رحمه الله- (٣) فإن نوى بالثّاني الأوّل أو نوى بالأوّل الثّاني صَحَّت نِيَّتُه؛ لأنّه نوى ما يحتمله لفظهُ بالتّقديم والتّأخير.


(١) الدَّسُّ: الْإِخْفَاءُ. انظر: المغرب (١/ ١٦٤)، الصحاح (٣/ ٩٢٣)، (دسس).
(٢) " نَشَاءَ " بهذا الرسم في (أ) و (ب). والصواب: نَشَئَ.
(٣) انظر: البحر الرائق (٤/ ٣٨٢).