للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت: لو كان منع التفريق معلولاً بالقرابة المحرمة للنكاح لما جاز التفريق أبداً عند وجود هذه العلة، وقد جاز التفريق في سبعة مواضع مع وجود هذه العلة، وإن كان أحدهما صغيراً فبعد ذلك، إمّا أن يقول في حق تلك المواضع بتخصيص العلة وهو غير جائز عند عامة مشائخنا، أو لفساد الكل وهو غير جائز عند الكل.

أمَّا المواضع فالأول: ما إذا صار أحد المملوكين، وهما ذو رحم محرم في ملكه إلى حال لا يمكن للمولى بيعه، فلا بأس بأن يبيع الذي هو محل البيع، وإن حصل فيه التفريق نحو أن يدبر أحدهما، أو يستولد إن كانت أمة.

والثاني: أنه إذا جنى أحدهما جناية في بني آدم فلا بأس بأن يدفع المولى (١) الجاني منهما، وإن حصل فيه التفريق مع المولى مخير بين الدفع والفداء في الجناية، وكذا إذا استهلك أحدهما مال إنسان، فإنه يباع فيه، مع أن للمولى ولاية المنع عن (٢) البيع بأداء قيمته.

والثالث: أن الحربي الذي له مملوكان صغيران، وهما ذو رحم محرم يبيع أحدهما يجوز للمسلم أن يشتريه، وفي الموضع الذي يكره التفريق بالبيع للبائع يكره للمشتري شراؤه أيضاً، وههنا لا يكره شراؤه وإن لزم فيه التفريق.

والرابع: أنه لو كان ثلاثة أخوة في ملك رجل وأحدهم صغير والأخوان كبيران، يجوز للمالك أن يبيع أحد الكبيرين استحساناً، وإن لزم فيه تفريق أحد المملوكين وأحدهما صغير.

والخامس: أنه لو اشتراهما جميعاً لنفسه، ثم وجد بأحدهما عيباً كان له أن يرده ويمسك الباقي (٣)، هذا هو ظاهر الرواية مع لزوم التفريق باختياره.

والسادس: أنه يجوز أن يكاتب أحدهما، أو يعتق على مال، أو غير مال، وفيه إخراج عن ملكه، فكان فيه تفريق باعتبار الإخراج.

والسابع: أنه إذا كان في ملك رجل أمة ولها ولد صغير مراهق يجوز له أن يبيع الصغير باختياره ورضاء أمه، والمسائل في المبسوط (٤) والإيضاح، وشرح الطحاوي.

قلت: يقول في هذه المواضع كما يقول في الصورة التي يدعي فيها تخصيص العلة من تجوزه، فنقول: المنع معلول بالقرابة المحرمة للنكاح لكن هذه العلة تنعدم عند وجود علة أقوى منها، وكان تخلف الحكم هناك؛ لانعدام علتنا هذه عند عامة مشائخنا، وعند من يجوز تخصيص العلة، كانت هذه العلة موجودة، إلاَّ أنها لم تعمل، لوجود علة أقوى منها فكان فيه تخصيص هذه العلة فنبين بتوفيق الله تعالى (٥)، ذكر تلك العلة التي (٦) هي مُعْدِمَة هذه العلة، وهي أقوى من هذه، فعمل بالأقوى في هذه المواضع بطريق التفصيل، أمَّا الأول: فإنه لما لم يمكن بيع أحدهما لمعنى شرعي، ثم لو منعناه عن بيع الآخر لحق المولى الضرر فيه (ونحن) (٧) إنما لا نبيح التفريق بينهما، مع أن الدليل يقتضي جواز التفريق لما


(١) سقط من (ب).
(٢) "ولاية البيع على البيع" في (ج).
(٣) "الثاني" في (ج).
(٤) ينظر: المبسوط للسرخسي (١٣/ ١٣٩ - ١٤٠).
(٥) سقط من (ب).
(٦) سقط في (ب) وهي في هامشه.
(٧) في (ب) و (ج)، وهي في هامش (أ).